تَكُونُ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ وَيَكُونُ السَّيْرُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَسُرًى وَالْبَاءُ فِي وَبِاللَّيْلِ
لِلظَّرْفِيَّةِ.
وَالْخَبَرُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ
مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِيقَاظِ وَالِاعْتِبَارِ لَا فِي حَقِيقَةِ الْإِخْبَارِ، وَتَأْكِيدُهُ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ وَبِاللَّامِ تَأْكِيدٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي اسْتُعْمِلَ فِيهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ [76] . وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ بِالْفَاءِ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ مِنْ عَدَمِ فِطْنَتِهِمْ لِدَلَالَةِ تِلْكَ الْآثَارِ عَلَى مَا حَلَّ بِهِمْ مَنْ سَخَطِ اللَّهِ وَعَلَى سَبَبِ ذَلِكَ وَهُوَ تَكْذِيبُ رَسُولِ اللَّهِ لُوطٍ.
وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى وَجْهِ تَخْصِيصِ قِصَّةِ لُوطٍ مَعَ الْقَصَصِ الْخَمْسِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى قِصَّةِ نُوحٍ وَتَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الْقَصَصِ بِأَنَّ فِيهَا مُشَاهَدَةَ آثَارِ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَذَّبُوا وَأَصَرُّوا على الْكفْر.
[139- 144]
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)
يُونُسُ هُوَ ابْنُ مَتَّى، وَاسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ (يُونَانُ بْنُ آمِتَايَ) ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ، وَهُوَ من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيلَ أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ (نِينَوَى) وَكَانَتْ نِينَوَى مَدِينَةً عَظِيمَةً مِنْ بِلَادِ الْآشُورِيِّينَ وَكَانَ بِهَا أَسْرَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ بِأَيْدِي الْآشُورِيِّينَ وَكَانُوا زُهَاءَ مِائَةِ أَلْفٍ بَقَوْا بَعْدَ (دَانْيَالَ) . وَكَانَ يُونُسُ فِي أَوَّلِ الْقَرْنِ الثَّامِنِ قَبْلَ الْمَسِيحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَذِكْرُ قَوْمِهِ فِي الْأَنْعَامِ وَسُورَةِ يُونُسَ.
وإِذْ
ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِ الْمُرْسَلِينَ
، وَإِنَّمَا وُقِّتَتْ رِسَالَتُهُ بِالزَّمَنِ الَّذِي أَبَقَ فِيهِ إِلَى الْفُلْكِ لِأَنَّ فِعْلَتَهُ تِلْكَ كَانَت عِنْد مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِالذَّهَابِ إِلَى نِينَوَى لِإِبْلَاغِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللَّهَ غَضِبَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمُ انْحَرَفُوا عَنْ شَرِيعَتِهِمْ.
فَحِينَمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ عَظُمَ عَلَيْهِ هَذَا الْأَمْرُ فَخَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ وَقَصَدَ مَرْسَى (يَافَا) لِيَذْهَبَ إِلَى مَدِينَةِ (تَرْشِيشَ) وَهِيَ طرطوسية على شاطىء بِلَادِ الشَّامِ فَهَالَ