بِسُورَةٍ مِثْلِهِ فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَلَوْ كَانُوا يَنْبِزُونَهُ بِنَقْصٍ أَوْ سَخَفٍ لَقَالُوا: نَحْنُ نَتَرَفَّعُ عَنْ مُعَالَجَةِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ.
وَمَعْنَى بَيْنَ يَدَيْهِ الْقَرِيبُ مِنْهُ سَوَاءً كَانَ سَابِقًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ [سبأ: 46]
وَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ»
(?) أَمْ كَانَ جَائِيًا بَعْدَهُ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [50] . وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَفْرُوضٍ وَلَا مُدَّعًى.
وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ.
أُرْدِفَتْ حِكَايَاتُ أَقْوَالِهِمْ وَكُفْرَانِهِمْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ أَصْنَافِهَا بِذِكْرِ جَزَائِهِمْ وَتَصْوِيرِ فَظَاعَتِهِ بِمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ الْآيَةَ مِنَ الْإِبْهَامِ الْمُفِيدِ لِلتَّهْوِيلِ. وَالْمُنَاسَبَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ [سبأ: 29] فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَلْقَمَهُمُ الْحَجَرَ بِقَوْلِهِ: قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ [سبأ: 30] الَخْ أَتْبَعَهُ بِتَصْوِيرِ حَالِهِمْ فِيهِ.
وَالْخِطَابُ فِي وَلَوْ تَرى لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لِتَلَقِّي الْخِطَابِ مِمَّنْ تَبْلُغُهُ هَذِهِ الْآيَةُ، أَيْ
وَلَوْ يَرَى الرَّائِي هَذَا الْوَقْتَ.
وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ لِلتَّهْوِيلِ وَهُوَ حَذْفٌ شَائِعٌ. وَتَقْدِيرُهُ: لَرَأَيْتَ أَمْرًا عَجَبًا.
وإِذِ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِ تَرى أَيْ لَوْ تَرَى فِي الزَّمَانِ الَّذِي يُوقَفُ فِيهِ الظَّالِمُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ.
والظَّالِمُونَ: الْمُشْرِكُونَ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَان: 13] وَتَقَدَّمَ قَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [27] ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ إِيقَافٌ جَمَعَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالَّذِينَ دَعَوْهُمْ إِلَى الْإِشْرَاكِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَيَوْمَ