وَهُوَ غَرِيبٌ، وَكَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ فِي «الْمُحَلَّى» صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا تَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ فَلَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَزْمٍ وَلَيْسَ مَذْهَبَ دَاوُدَ، وَكَيْفَ لَوْ رَاجَعَهَا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ من تطليقها فبمَاذَا تَعْرِفُ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا.
وَفَاءُ التَّفْرِيعِ فِي قَوْلِهِ: فَمَتِّعُوهُنَّ لِأَنَّ حُكْمَ التَّمْتِيعِ مُقَرَّرٌ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ [236] فِي قَوْلِهِ: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ الَخْ. وَالْمُتْعَةُ: عَطِيَّةٌ يُعْطِيهَا الزَّوْجُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا طَلَّقَهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [الْبَقَرَة: 236] فَلِذَلِكَ جِيءَ بِالْأَمْرِ بِالتَّمْتِيعِ مُفَرَّعًا عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ.
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ التَّمْتِيعَ جَبْرًا لِخَاطِرِ الْمَرْأَةِ الْمُنْكَسِرِ بِالطَّلَاقِ وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَنَّ الْمُتْعَةَ حَقٌّ لِلْمُطَلَّقَةِ سَوَاءٌ سُمِّيَ لَهَا صَدَاقٌ أَمْ لَمْ يُسَمَّ بِحُكْمِ آيَةِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالتَّمْتِيعِ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا فَكَانَ عُمُومُهَا فِي الْأَحْوَالِ كَعُمُومِهَا فِي الذَّوَاتِ، وَلَيْسَتْ آيَةُ الْبَقَرَةِ بِمُعَارِضَةٍ لِهَذِهِ الْآيَةِ إِذْ لَيْسَ فِيهَا تَقْيِيدٌ بِشَرْطٍ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمُتْعَةِ بِالَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ لِأَنَّهَا نَازِلَةٌ فِي رَفْعِ الْحَرَجِ عَنِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ، ثُمَّ أَمَرَتْ بِالْمُتْعَةِ لِتَينِكَ الْمُطَلَّقَتَيْنِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ مُمْكِنٌ.
وَالسَّرَاحُ الْجَمِيلُ: هُوَ الْخَلِيُّ عَنِ الْأَذَى وَالْإِضْرَارِ وَمَنْعِ الْحُقُوقِ.
[50]
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (50)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.
نِدَاءٌ رَابِعٌ خُوطِبَ بِهِ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنٍ خَاصٍّ بِهِ هُوَ بَيَانُ مَا أُحِلَّ لَهُ مِنَ الزَّوْجَاتِ وَالسَّرَارِي وَمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَزِيدُ مِمَّا بَعْضُهُ تَقْرِيرٌ لِتَشْرِيعٍ لَهُ سَابِقٍ وَبَعْضُهُ تَشْرِيعٌ لَهُ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَمِمَّا بَعْضُهُ يَتَسَاوَى فِيهِ النَّبِيءُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ