[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 31]

وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (31)

أَعْقَبَ الْوَعِيدَ بِالْوَعْدِ جَرْيًا عَلَى سُنَّةِ الْقُرْآنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْعَاشِرَةِ.

وَالْقُنُوتُ: الطَّاعَةُ، وَالْقُنُوتُ لِلرَّسُولِ: الدَّوَامُ عَلَى طَاعَتِهِ وَاجْتِلَابُ رِضَاهُ لِأَنَّ فِي رِضَاهُ رِضَى اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [النِّسَاء: 80] .

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يَقْنُتْ بِتَحْتِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ مُرَاعَاةً لِمَدْلُولِ مَنْ الْشَرْطِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ [الْأَحْزَاب: 30] . وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ بِفَوْقِيَّةٍ فِي أَوله مُرَاعَاة لما صدق مَنْ، أَيْ إِحْدَى النِّسَاءِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ.

وَأُسْنِدَ فِعْلُ إِيتَاءِ أَجْرِهِنَّ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ بِوَجْهٍ صَرِيحٍ تَشْرِيفًا لِإِيتَائِهِنَّ الْأَجْرَ لِأَنَّهُ الْمَأْمُولُ بِهِنَّ، وَكَذَلِكَ فِعْلُ وَأَعْتَدْنا.

وَمَعْنَى مَرَّتَيْنِ تَوْفِيرُ الْأَجْرِ وَتَضْعِيفُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ضِعْفَيْنِ [الْأَحْزَاب:

30] .

وَضَمِيرُ أَجْرَها عَائِدٌ إِلَى مَنْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي إِضَافَةِ الْأَجْرِ إِلَى ضَمِيرِهَا إِشَارَةٌ إِلَى تَعْظِيمِ ذَلِكَ الْأَجْرِ بِأَنَّهُ يُنَاسِبُ مَقَامَهَا وَإِلَى تَشْرِيفِهَا بِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ ذَلِكَ الْأَجْرَ. وَمُضَاعَفَةُ الْأَجْرِ لَهُنَّ عَلَى الطَّاعَاتِ كَرَامَةٌ لِقَدْرِهِنَّ، وَهَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ فِي الْحَالَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015