فَلَمَّا عَرَفْتُ الْيَأْسَ مِنْهُ وَقَدْ بَدَتْ ... أَيَادِي سَبَا الْحَاجَاتِ لِلْمُتَذَكِّرِ
فَأَضَافَ مَجْمُوعَ (أَيَادِي سَبَا) وَهُوَ كَالْمُفْرَدِ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى الْمَثَلِ إِلَى الْحَاجَاتِ.
وَقَالَ بَعْضُ رُجَّازِهِمْ:
أَنَا ابْنُ عَمِّ اللَّيْلِ وَابْنُ خَالِهِ ... إِذَا دُجًى دَخَلْتُ فِي سِرْبَالِهِ
فَأَضَافَ (ابْنُ عَمِّ) إِلَى لَفْظِ (اللَّيْلِ) ، وَأَضَافَ (ابْنُ خَالٍ) إِلَى ضَمِيرِ (اللَّيْلِ) عَلَى مَعْنَى أَنَا مُخَالِطُ اللَّيْلِ، وَلَا يُرِيدُ إِضَافَةَ عَمٍّ وَلَا خَالٍ إِلَى اللَّيْلِ. وَمِنْ هَذَا اسْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ، فَالْمُضَافُ إِلَى (الرُّقَيَّاتِ) هُوَ مَجْمُوعُ الْمُرَكَّبِ إِمَّا (عَبْدُ اللَّهِ) ، أَوِ (ابْنُ قَيْسٍ)
لَا أَحَدُ مُفْرَدَاتِهِ. وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ قَرِيبَةٌ مِنْ إِضَافَةِ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ إِلَى مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ اسْمِ الْعَدَدِ عَلَى بِنَائِهِ كَمَا تَقُولُ: أَعْطِهِ خَمْسَةَ عَشْرَةَ.
وَتُسَمَّى هَذِهِ السُّورَةُ أَيْضًا سُورَةَ الْمَضَاجِعِ لِوُقُوعِ لَفْظِ الْمَضاجِعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ [السَّجْدَة: 16] .
وَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» عَنْ «مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ» أَنَّ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ (?) سَمَّاهَا: الْمُنْجِيَةَ.
قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا يَقْرَؤُهَا مَا يَقْرَأُ شَيْئًا غَيْرَهَا، وَكَانَ كَثِيرَ الْخَطَايَا فَنَشَرَتْ جَنَاحَهَا وَقَالَتْ: رَبِّ اغْفِرْ لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ مِنْ قِرَاءَتِي فَشَفَّعَهَا الرَّبُّ فِيهِ وَقَالَ: اكْتُبُوا لَهُ بِكُلِّ خَطِيئَةٍ حَسَنَةً وَارْفَعُوا لَهُ دَرَجَةً اهـ. وَقَالَ الطَّبَرَسِيُّ: تُسَمَّى (سُورَةَ سَجْدَةِ لُقْمَانَ) لِوُقُوعِهَا بَعْدَ سُورَةِ لُقْمَانَ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ بِسُورَةِ (حم السَّجْدَةِ) ، أَيْ كَمَا سَمَّوْا سُورَةَ (حم السَّجْدَةِ) وَهِيَ سُورَةُ فُصِّلَتْ (سُورَةَ سَجْدَةِ الْمُؤْمِنِ) لِوُقُوعِهَا بَعْدَ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي إِطْلَاقِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ وَإِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ اسْتِثْنَاءُ ثَلَاثِ آيَاتٍ مَدَنِيَّةٍ وَهِيَ: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ