مَقَالَةَ بَعْضِهِمْ مِنَ الدُّعَاءِ بِتَعْجِيلِ النَّصْرِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ [الْبَقَرَة: 214] .

وَكَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِينَ يُوسُفَ»

. وَالْإِيمَاءُ بِوَصْفِ الْعَلِيمُ إِلَى أَنَّ اللَّهَ عَلِمَ مَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنِ اسْتِعْجَالِ النَّصْرِ وَلَوْ

كَانَ الْمُرَادُ مِنْ أَجَلَ اللَّهِ الْمَوْتَ لَمَا كَانَ وَجْهٌ لِلْإِعْلَامِ بِإِتْيَانِهِ بَلْهَ تَأْكِيدَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْبَعْثَ لَكَانَ قَوْلُهُ مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ كَافِيًا، فَهَذَا وَجْهُ مَا أَشَارَتْ إِلَيْهِ الْآيَاتُ بِالْمَنْطُوقِ وَالِاقْتِضَاءِ، وَالْعُدُولُ بِهَا عَنْ هَذَا الْمَهْيَعِ وَإِلَى مَا فِي «الْكَشَّافِ» وَ «مَفَاتِيحِ الْغَيْبِ» أَخْذًا مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ تَحْوِيلٌ لَهَا عَنْ مجْراهَا وَصرف كلمة الرَّجَاءِ عَنْ مَعْنَاهَا وَتَفْكِيكٌ لِنَظْمِ الْكَلَامِ عَنْ أَنْ يَكُونَ آخِذًا بَعْضُهُ بِحُجَزِ بَعْضٍ.

وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي جُمْلَةِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ مَعَ كَوْنِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ الْإِضْمَارَ لِتَقَدُّمِ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي جُمْلَةِ الشَّرْطِ مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ مُعَادُ الضَّمِيرِ بِأَنْ يُعَادَ إِلَى مَنْ إِذِ الْمَقْصُودُ الْإِعْلَامُ بِأَجَلٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ وَقْتُ النَّصْرِ الْمَوْعُودِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ [سبأ: 29، 30] .

وَعَبَّرَ بِفِعْلِ الرَّجَاءِ عَنْ تَرَقُّبِ الْبَعْثِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَسُوقٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ مِمَّنْ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ يَتَرَقَّبُونَ الْبَعْثَ لِمَا يَأْمُلُونَ مِنَ الْخَيْرَاتِ فِيهِ. قَالَ بِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ احْتِضَارِهِ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ بَعْضِ الْأَشْعَرِيِّينَ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

غَدًا أَلْقَى الْأَحِبَّهْ ... مُحَمَّدًا وَصَحبه

[6]

[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 6]

وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (6)

أَيْ وَمَنْ جَاهَدَ مِمَّنْ يَرْجُونَ لِقَاءَ اللَّهِ، فَلَيْسَتِ الْوَاوُ لِلتَّقْسِيمِ، وَلَيْسَ مَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015