[30- 32]

[سُورَة الْقَصَص (28) : الْآيَات 30 الى 32]

فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (32)

فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ إِلَّا مُخَالَفَةَ أَلْفَاظٍ مِثْلِ أَتاها هُنَا وجاءَها هُنَاكَ [النَّمْل: 8] وإِنِّي أَنَا اللَّهُ هُنَا، وإِنَّهُ أَنَا اللَّهُ هُنَاكَ [النَّمْل: 9] بِضَمِيرٍ عَائِدٍ إِلَى الْجَلَالَةِ هُنَالِكَ، وَضَمِيرِ الشَّأْنِ هُنَا وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْمَوْقِعِ لِأَنَّ ضَمِيرَ الْجَلَالَةِ شَأْنُهُ عَظِيمٌ.

وَقَوْلُهُ هُنَا رَبُّ الْعالَمِينَ وَقَوْلُهُ هُنَالِكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [النَّمْل: 9] . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ قِيلَتْ لَهُ حِينَئِذٍ.

وَالْقَوْلُ فِي نُكْتَةِ تَقْدِيمِ صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ إِصْدَارِ أَمْرِهِ لَهُ بِإِلْقَاءِ الْعَصَا كَالْقَوْلِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النَّمْلِ لِأَنَّ وَصْفَ رَبُّ الْعالَمِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ مُسَخَّرَةٌ لَهُ لِيُثَبِّتَ بِذَلِكَ قَلْبَ مُوسَى مِنْ هَوْلِ تَلَقِّي الرِّسَالَةِ.

وأَنْ أَلْقِ هُنَا وأَلْقِ هُنَاكَ [النَّمْل: 10] ، واسْلُكْ هُنَا وَأَدْخِلْ هُنَاكَ [النَّمْل:

12] . وَتِلْكَ الْمُخَالَفَةُ تَفَنُّنٌ فِي تَكْرِيرِ الْقِصَّةِ لِتَجَدُّدِ نَشَاطِ السَّامِعِ لَهَا، وَإِلَّا زِيَادَةَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ وَهَذَا وَادٍ فِي سَفْحِ الطُّورِ. وَشَاطِئُهُ:

جَانِبُهُ وَضَفَّتُهُ.

وَوَصْفُ الشَّاطِئِ بِالْأَيْمَنِ إِنْ حُمِلَ الْأَيْمَنُ عَلَى أَنَّهُ ضِدُّ الْأَيْسَرِ فَهُوَ أَيْمَنُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَاقِعٌ عَلَى يَمِينِ الْمُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعَرَبِ مِنْ جَعْلِ الْقِبْلَةِ هِيَ الْجِهَةَ الْأَصْلِيَّةَ لِضَبْطِ الْوَاقِعِ وَهُمْ يَنْعَتُونَ الْجِهَاتِ بِالْيَمِينِ وَالْيَسَارِ يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمُنُ صَوْبِهِ ... وَأَيْسَرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُلِ

وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى اصْطِلَاحُ الْمُسْلِمِينَ فِي تَحْدِيدِ الْمَوَاقِعِ الْجُغْرَافِيَّةِ وَمَوَاقِعِ الْأَرَضِينَ، فَيَكُونُ الْأَيْمَنُ يَعْنِي الْغَرْبِيَّ لِلْجَبَلِ، أَيْ جِهَةَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ مِنَ الطُّورِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015