وَالْبُعُولَةُ: جَمْعُ بَعْلٍ. وَهُوَ الزَّوْجُ، وَسَيِّدُ الْأَمَةِ. وَأَصْلُ الْبَعْلِ الرَّبُّ وَالْمَالِكُ (وَسُمِّيَ الصَّنَمُ الْأَكْبَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ الْقُدَمَاءِ بَعْلًا وَجَاءَ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ أَهْلِ نِينَوَى وَرَسُولِهِمْ إِلْيَاسَ) ، فَأُطْلِقَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ أَصْلَ الزَّوَاجِ مِلْكٌ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ فِيهِ الصَّدَاقُ لِأَنَّهُ كَالثَّمَنِ. وَوَزْنُ فُعُولَةٍ فِي الْجُمُوعِ قَلِيلٌ وَغَيْرُ مُطَّرِدٍ وَهُوَ مَزِيدُ التَّاءِ فِي زِنَةِ فُعُولٍ مِنْ جُمُوعِ التَّكْسِيرِ.
وَكُلُّ مَنْ عُدَّ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ اسْتُثْنَوْا مِنَ النَّهْيِ هُمْ مِنَ الَّذِينَ لَهُمْ بِالْمَرْأَةِ صِلَةٌ شَدِيدَةٌ هِيَ وَازِعٌ مِنْ أَنْ يَهِمُّوا بِهَا. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ «الْجَامِعِ مِنَ الْعَتَبِيِّةِ» :
سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ تَضَعُ أُمُّ امْرَأَتِهِ عِنْدَهُ جِلْبَابَهَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي «شَرْحِهِ» : لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الْآيَةَ، فَأَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَضَعَ خِمَارَهَا عَنْ جَيْبِهَا وَتُبْدِي زِينَتَهَا عِنْدَ ذَوِي مَحَارِمِهَا مِنَ النَّسَبِ أَوِ الصِّهْرِ اهـ. أَيْ قَاسَ مَالِكٌ زَوْجَ بِنْتِ الْمَرْأَةِ عَلَى ابْنِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ الصِّهْرِ.
وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: نِسائِهِنَّ إِلَى ضمير لِلْمُؤْمِناتِ: إِنْ حُمِلَتْ عَلَى ظَاهِرِ الْإِضَافَةِ كَانَتْ دَالَّةً عَلَى أَنَّهُنَّ النِّسَاءُ اللَّاتِي لَهُنَّ بِهِنَّ مَزِيدُ اخْتِصَاصٍ فَقِيلَ الْمُرَادُ نِسَاءُ
أُمَّتِهِنَّ، أَيِ الْمُؤْمِنَاتُ، مِثْلُ الْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ [الْبَقَرَة: 282] ، أَيْ مِنْ رِجَالِ دِينِكُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَوِ النِّسَاءُ. وَإِنَّمَا أَضَافَهُنَّ إِلَى ضَمِيرِ النِّسْوَةِ إِتْبَاعًا لِبَقِيَّةِ الْمَعْدُودِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ضَمِيرًا فَجَاءَ هَذَا لِلْإِتْبَاعِ اهـ. أَيْ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ لِغَيْرِ دَاعٍ مَعْنَوِيٍّ بَلْ لِدَاعٍ لَفْظِيٍّ تَقْتَضِيهِ الْفَصَاحَةُ مِثْلُ الضَّمِيرَيْنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها [الشَّمْس: 8] أَيْ أَلْهَمَهَا الْفُجُورَ وَالتَّقْوَى.
فَإِضَافَتُهُمَا إِلَى الضَّمِيرِ إِتْبَاعٌ لِلضَّمَائِرِ الَّتِي مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ: وَالشَّمْسِ وَضُحاها [الشَّمْس:
1] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِيهَا: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها [الشَّمْس: 11]