الْمَعْرُوفِ وَسَبَبُ الْبِرِّ فِي الْيَمِينِ وَتَجَهَّمَ الْحِنْثَ وَأَنَّهُ أَخَذَ بِجَانِبِ الْبِرِّ فِي يَمِينِهِ وَتَرَكَ جَانِبَ مَا يَفُوتُهُ مِنْ ثَوَابِ الْإِنْفَاقِ وَمُوَاسَاةِ الْقَرَابَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَكَأَنَّهُ قَدَّمَ جَانِبَ التَّأَثُّمِ عَلَى جَانِبِ طَلَبِ الثَّوَابِ فَنَبَّهَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ بِتَرْجِيحِ جَانِبِ الْمَعْرُوفِ لِأَنَّ لِلْيَمِينِ مَخْرَجًا وَهُوَ الْكَفَّارَةُ.

وَهَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ كَانَتْ مَشْرُوعَةً مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَهَابُونَ الْإِقْدَامَ عَلَى الْحِنْثِ كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَائِشَةَ. أَنْ لَا تُكَلِّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ بَلَغَهَا قَوْلُهُ: إِنَّهُ يَحْجُرُ عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ إِنْفَاقِهَا الْمَالَ. وَهُوَ فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» فِي كِتَابِ الْأَدَبِ بَابِ الْهُجْرَانِ.

وَعَطْفُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ عَلَى جُمْلَةِ: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ زِيَادَةٌ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَتَطْمِينًا لِنَفْسِ أَبِي بَكْرٍ فِي حِنْثِهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى الْأَمْرِ بِالتَّخَلُّقِ بِصِفَاتِ الله تَعَالَى.

[23- 25]

[سُورَة النُّور (24) : الْآيَات 23 إِلَى 25]

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)

جُمْلَةُ: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ اسْتِئْنَافٌ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا [النُّور: 19] وَالْكُلُّ تَفْصِيلٌ لِلْمَوْعِظَةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ:

يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [النُّور: 17] فَابْتُدِئَ بِوَعِيدِ الْعود إِلَى محبَّة ذَلِكَ وَثني بوعيد الْعود إِلَى إِشَاعَةِ الْقَالَةِ، فَالْمُضَارِعُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015