لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بِهِ فِي مَوَاقِيتِهِمْ وَأَسْفَارِهِمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ كَمَا قَالَ: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الْأَنْعَام: 97] . وَأَعْظَمُ تِلْكَ الطَّرَائِقِ طَرِيقَةُ الشَّمْسِ مَعَ مَا زَادَتْ بِهِ مِنَ النَّفْعِ بِالْإِنَارَةِ وَإِصْلَاحِ الْأَرْضِ وَالْأَجْسَادِ، فَصَارَ الْمَعْنَى: خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ لِحِكْمَةٍ لَا

تَعْلَمُونَهَا وَمَا أَهْمَلْنَا فِي خَلْقِهَا رَعْيَ مصالحكم أَيْضا.

والعدول عَنِ الْإِضْمَارِ إِلَى الْإِظْهَارِ فِي قَوْلِهِ: وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ دُونَ أَنْ يُقَالَ: وَمَا كُنَّا عَنْكُمْ غَافِلِينَ، لِمَا يُفِيدُهُ الْمُشْتَقُّ مِنْ مَعْنَى التَّعْلِيلِ، أَيْ مَا كُنَّا عَنْكُمْ غَافِلِينَ لِأَنَّكُمْ مَخْلُوقَاتُنَا فَنَحْنُ نُعَامِلُكُمْ بِوَصْفِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِ الشُّكْرِ وَالْإِقْلَاعِ عَن الْكفْر.

[18- 20]

[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (23) : الْآيَات 18 إِلَى 20]

وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (20)

مُنَاسَبَةُ عَطْفِ إِنْزَالِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى جُمْلَةِ وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ [الْمُؤْمِنُونَ:

17] أَنَّ مَاءَ الْمَطَرِ يَنْزِلُ مِنْ صَوْبِ السَّمَاءِ، أَيْ مِنْ جِهَةِ السَّمَاءِ.

وَفِي إِنْزَالِ مَاءِ الْمَطَرِ دَلَالَةٌ عَلَى سِعَةِ الْعِلْمِ وَدَقِيقِ الْقُدْرَةِ، وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا مِنَّةٌ عَلَى الْخَلْقِ فَالْكَلَامُ اعْتِبَارٌ وَامْتِنَانٌ مِنْ قَوْلِهِ: فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ إِلَى آخِرِهِ. وَمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَسُورَةِ الرَّعْدِ وَسُورَةِ النَّحْلِ.

وَإِنْزَالُ الْمَاءِ هُوَ إِسْقَاطُهُ مِنَ السُّحُبِ مَاءً وَثَلْجًا وَبَرَدًا عَلَى السُّهُولِ وَالْجِبَالِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015