وَالْفِرْدَوْسُ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْجَنَّةِ فِي مُصْطَلَحِ الْقُرْآنِ، أَوْ مِنْ أَسْمَاءِ أَشْرَفِ جِهَاتِ الْجَنَّاتِ، وَأَصْلُ الْفِرْدَوْسِ: الْبُسْتَانُ الْوَاسِعُ الْجَامِعُ لِأَصْنَافِ الثَّمَرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُمِّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ لَمَّا أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَتَلَهُ، وَقَالَتْ أُمُّهُ: إِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ فَقَالَ لَهَا: «وَيحك أهبلت أَو جنّة وَاحِدَةٌ هِيَ، إِنَّهَا لَجِنَانٍ كَثِيرَةٍ وَإِنَّهُ لَفِي الْفِرْدَوْسِ»

. وَقَدْ

وَرَدَ فِي فَضْلِ هَذِه الْآيَات حَدِيث عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُنْزِلَ عَلَيَّ عَشْرُ آيَاتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَرَأَ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: 1] حَتَّى خَتَمَ عَشْرَ آيَاتٍ

. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي «الْعَارِضَةِ» : قَوْلُهُ: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هِيَ الْعَاشِرَةُ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ.

[12- 14]

[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (23) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (14)

الْوَاوُ عَاطِفَةٌ غَرَضًا عَلَى غَرَضٍ وَيُسَمَّى عَطْفَ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ، فَلِلْجُمْلَةِ حُكْمُ الِاسْتِينَافِ لِأَنَّهَا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: 1] الَّتِي هِيَ ابْتِدَائِيَّةٌ وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى انْفِرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْخَلْقِ وَبِعَظِيمِ الْقُدْرَةِ الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ، وَعَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ مَرْبُوبٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَالِاعْتِبَارُ بِمَا فِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ

دَلَائِلِ الْقُدْرَةِ وَمِنْ عَظِيمِ النِّعْمَةِ. فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ إِبْطَالُ الشِّرْكِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْأَصْلَ الْأَصِيلَ فِي ضَلَالِ الْمُعْرِضِينَ عَنِ الدَّعْوَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015