فِي «دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ» فِي فَصْلٍ فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ عَلَى الْبَلَاغَةِ وَالْفَصَاحَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: 229] .
وَالْعَظِيمُ: الضَّخْمُ، وَهُوَ هُنَا اسْتِعَارَة لِلْقَوِيِّ الشَّدِيدِ، وَالْمَقَامُ يُفِيدُ أَنه شَدِيد فِي الشرّ.
[2]
يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)
جُمْلَةُ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ
إِلَخْ ... بَيَانٌ لِجُمْلَةِ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الْحَج: 1] لِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ يُبَيِّنُ مَعْنَى كَوْنِهَا شَيْئًا عَظِيمًا وَهُوَ أَنَّهُ عَظِيمٌ فِي الشَّرِّ وَالرُّعْبِ.
وَيَتَعَلَّقُ يَوْمَ تَرَوْنَها
بِفِعْلِ تَذْهَلُ
. وَتَقْدِيمُهُ عَلَى عَامِلِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِالتَّوْقِيتِ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَتَوَقُّعِ رُؤْيَتِهِ لِكُلِّ مُخَاطَبٍ مِنَ النَّاسِ. وَأَصْلُ نَظْمِ الْجُمْلَةِ: تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضَعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ يَوْمَ تَرَوْنَ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ. فَالْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ تَتَأَتَّى مِنْهُ رُؤْيَةُ تِلْكَ الزَّلْزَلَةِ بِالْإِمْكَانِ.
وَضَمِيرُ النَّصْبِ فِي تَرَوْنَها
يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ على زَلْزَلَةَ [الْحَج: 1] وَأُطْلِقَتِ الرُّؤْيَةُ عَلَى إِدْرَاكِهَا الْوَاضِحِ الَّذِي هُوَ كَرُؤْيَةِ الْمَرْئِيَّاتِ لِأَنَّ الزَّلْزَلَةَ تُسْمَعُ وَلَا تُرَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى السَّاعَةِ.
وَرُؤْيَتُهَا: رُؤْيَةُ مَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنَ الْمَرْئِيَّاتِ مِنْ حُضُورِ النَّاسِ لِلْحَشْرِ وَمَا يَتْبَعُهُ
وَمُشَاهَدَةِ أَهْوَالِ الْعَذَابِ. وَقَرِينَةُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ
إِلَخْ.