[89، 90]

[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 89 الى 90]

وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (90)

وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ كَانَ أَمْرُ زَكَرِيَّاءَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: إِذْ نَادَى رَبَّهُ آيَةً مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فِي عِنَايَتِهِ

بِأَوْلِيَائِهِ الْمُنْقَطِعِينَ لِعِبَادَتِهِ فَخُصَّ بِالذِّكْرِ لِذَلِكَ. وَالْقَوْلُ فِي عَطْفِ وَزَكَرِيَّاءَ كَالْقَوْلِ فِي نَظَائِرِهِ السَّابِقَةِ.

وَجُمْلَةُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً مُبَيِّنَةٌ لِجُمْلَةِ نَادَى رَبَّهُ. وَأُطْلِقَ الْفَرْدُ عَلَى مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْمُنْفَرِدِ الَّذِي لَا قَرِينَ لَهُ. قَالَ تَعَالَى: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً [مَرْيَم: 95] ، وَيُقَالُ مِثْلَهُ الْوَاحِدُ لِلَّذِي لَا رَفِيقَ لَهُ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ:

وَعَلِمْتُ أَنِّي إِنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا ... أُقْتَلْ وَلَا يَضْرُرْ عَدُوِّيَ مَشْهَدِي

فَشُبِّهَ مَنْ لَا ولد بالفرد لِأَنَّ الْوَلَدَ يُصَيِّرُ أَبَاهُ كَالشَّفْعِ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهُ. وَلَا يُقَالُ لِذِي الْوَلَدِ زَوْجٌ وَلَا شَفْعٌ.

وَجُمْلَةُ وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ثَنَاءٌ لِتَمْهِيدِ الْإِجَابَةِ، أَيْ أَنْتَ الْوَارِثُ الْحَقُّ فَاقْضِ عَلَيَّ مِنْ صِفَتِكَ الْعَلِيَّةِ شَيْئًا. وَقَدْ شَاعَ فِي الْكِتَابِ وَالسُنَّةِ ذِكْرُ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عِنْدَ سُؤَالِهِ إِعْطَاءَ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا، كَمَا قَالَ أَيُّوبُ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الْأَنْبِيَاء: 83] ، وَدَلَّ ذِكْرُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ سَأَلَ الْوَلَدَ لِأَجْلِ أَنْ يَرِثَهُ كَمَا فِي آيَةِ [سُورَةِ مَرْيَمَ: 6] يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ. حُذِفَتْ هَاتِهِ الْجُمْلَةُ لِدَلَالَةِ الْمَحْكِيِّ هُنَا عَلَيْهَا. وَالتَّقْدِيرُ: يَرِثُنِي الْإِرْثَ الَّذِي لَا يُدَانِي إِرْثَكَ عِبَادَكَ، أَيْ بَقَاءَ مَا تَرَكُوهُ فِي الدُّنْيَا لِتَصَرُّفِ قُدْرَتِكَ، أَوْ يَرِثُنِي مَالِي وَعِلْمِي وَأَنْتَ تَرِثُ نَفْسِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015