صِدْقِ الَّذِي جَاءَ بِهِ لِأَنَّ الْبَشَرَ عَجَزُوا عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ وَتَحَدَّاهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَمَا اسْتَطَاعُوا. وَبِذَلِكَ اهْتَدَتْ بِهِ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ، وَانْتَفَعَ بِهِ مَنْ آمَنُوا بِهِ وَفَرِيقٌ

مِمَّنْ حَرَّمُوا الْإِيمَانَ. فَكَانَ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ مُبَارَكٌ وَافِيًا عَلَى وَصْفِ كِتَابِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّهُ فُرْقَانٌ وَضِيَاءٌ.

وَزَادَهُ تَشْرِيفًا بِإِسْنَادِ إِنْزَالِهِ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ. وَجُعِلَ الْوَحْيُ إِلَى الرَّسُولِ إِنْزَالًا لِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِنْزَالُ مِنْ رِفْعَةِ الْقَدْرِ إِذِ اعْتُبِرَ مُسْتَقِرًّا فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ حَتَّى أُنْزِلَ إِلَى هَذَا الْعَالَمِ.

وفرّع عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِ الْعَظِيمَةِ اسْتِفْهَامٌ تَوْبِيخِيٌّ تَعْجِيبِيٌّ مِنْ إِنْكَارِهِمْ صِدْقَ هَذَا الْكِتَابِ وَمِنِ اسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى ذَلِكَ الْإِنْكَارِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ. وَلِكَوْنِ إِنْكَارِهِمْ صِدْقَهُ حَاصِلًا مِنْهُمْ فِي حَالِ الْخِطَابِ جِيءَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِيَتَأَتَّى جَعْلُ الْمُسْنَدِ اسْمًا دَالًّا عَلَى الِاتِّصَافِ فِي زَمَنِ الْحَالِ وَجَعْلُ الْجُمْلَةِ دَالَّةً عَلَى الثَّبَاتِ فِي الْوَصْفِ وَفَاءً بِحَقِّ بلاغة النّظم.

[51- 57]

[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 51 إِلَى 57]

وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (51) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (52) قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (53) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (54) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (55)

قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015