وَالْعِبَرِ. خُتِمَ الْكَلَامُ بِشَتْمِهِمْ وَتَهْدِيدِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ، أَيْ مِمَّا تَصِفُونَ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ.
وَالْوَيْلُ: كَلِمَةُ دُعَاءٍ بِسُوءٍ. وَفِيهَا فِي الْقُرْآنِ تَوْجِيهٌ لِأَنَّ الْوَيْلَ اسْم للعذاب.
[19، 20]
وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا [الْأَنْبِيَاء: 17] مُبَيِّنَةٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض عباد لله تَعَالَى مَخْلُوقُونَ لِقَبُولِ تَكْلِيفِهِ وَالْقِيَامِ بِمَا خُلِقُوا
لِأَجْلِهِ، وَهُوَ تَخَلُّصٌ إِلَى إِبْطَالِ الشِّرْكِ بِالْحُجَّةِ الدامغة بعد الْإِفَاضَة فِي إِثْبَاتِ صِدْقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُجِّيَّةِ الْقُرْآنِ.
فَاللَّامُ فِي وَلَهُ لِلْمِلْكِ، وَالْمَجْرُورُ بِاللَّامِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ. ومَنْ فِي السَّماواتِ مُبْتَدَأٌ، وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِلِاخْتِصَاصِ، أَيْ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ قَصْرُ إِفْرَادٍ رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ فِي الْإِلَهِيَّةِ.
ومَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَعُمُّ الْعُقَلَاءَ وَغَيْرَهُمْ وَغُلِّبَ اسْمُ الْمَوْصُولِ الْغَالِبُ فِي الْعُقَلَاءِ لِأَنَّهُمُ الْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَمَنْ عِنْدَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَيَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ. وَوَجْهُ الِاهْتِمَامِ ظَاهِرٌ وَتَكُونُ جُمْلَةُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ حَالًا مِنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.