حُلُولِ (إِنْ) مَعَ (لَا) عِوَضًا عَنِ الْجَزَاءِ، وَذَلِكَ ضَابِطُ صِحَّةِ جَزْمِ الْجَزَاءِ بَعْدَ النَّهْيِ.
وَقَدْ جَاءَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِطَرِيقَةِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كُلِّ حُكْمٍ، وَأَمْرٍ أَو نهي، فابتدئ بِالْإِعْلَامِ بِأَنَّ الَّذِي يُكَلِّمُهُ هُوَ اللَّهُ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي، ثُمَّ عَقَّبَ بِإِثْبَاتِ السَّاعَةِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهَا
لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ النَّهْيَ عَنْ أَنْ يَصُدَّهُ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا. ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى النَّهْيِ أَنَّهُ إِنِ ارْتَكَبَ مَا نُهِيَ عَنْهُ هلك وخسر.
[17- 21]
وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسى (17) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (18) قالَ أَلْقِها يَا مُوسى (19) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (20) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (21)
بَقِيَّةُ مَا نُودِيَ بِهِ مُوسَى. وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمَلِ قَبْلَهَا انْتِقَالًا إِلَى مُحَاوَرَةٍ أَرَادَ اللَّهُ مِنْهَا أَنْ يُرِيَ مُوسَى كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ بِالْمُعْجِزَةِ الْعَظِيمَةِ، وَهِيَ انْقِلَابُ الْعَصَا حَيَّةً تَأْكُلُ الْحَيَّاتِ الَّتِي يُظْهِرُونَهَا.
وَإِبْرَازُ انْقِلَابِ الْعَصَا حَيَّةً فِي خِلَالِ الْمُحَاوَرَةِ لِقَصْدِ تَثْبِيتِ مُوسَى، وَدَفْعِ الشَّكِّ عَنْ أَنْ يَتَطَرَّقَهُ لَوْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ دُونَ تَجْرِبَةٍ لِأَنَّ مَشَاهِدَ الْخَوَارِقِ تسارع بِالنَّفسِ بادىء ذِي بَدْءٍ إِلَى تَأْوِيلِهَا وَتُدْخِلُ