وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ
أَيْ لَكِنْ تَسْمَعُونَ سَلَامًا. قَالَ تَعَالَى: تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ [إِبْرَاهِيم: 23] وَقَالَ لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً [الْوَاقِعَة: 25، 26] .
وَالرِّزْقُ: الطَّعَامُ.
وَجِيءَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى ثَبَاتِ ذَلِكَ وَدَوَامِهِ، فَيُفِيدُ التَّكَرُّرَ الْمُسْتَمِرَ وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ التَّكَرُّرِ الْمُفَادِ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَأَكْثَرَ. وَتَقْدِيمُ الظَّرْفِ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِمْ، وَإِضَافَةُ رزق إِلَى ضميرهم لِزِيَادَةِ الِاخْتِصَاصِ.
وَالْبُكْرَةُ: النِّصْفُ الأول من النَّهَار، وَالْعَشِيُّ: النِّصْفُ الْأَخِيرُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كِنَايَةٌ عَنِ اسْتِغْرَاقِ الزَّمَنِ، أَيْ لَهُمْ رِزْقُهُمْ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَلَا مُقَدَّرٍ بَلْ كُلَّمَا شَاءُوا فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ اللَّيْلَ.
وَجُمْلَةُ تِلْكَ الْجَنَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ. وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ التَّمْيِيزِ تَنْوِيهًا بِشَأْنِهَا وَأُجْرِيتَ عَلَيْهَا الصِّفَةُ بِالْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ تَنْوِيهًا بِالْمُتَّقِينَ وَأَنَّهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمرَان: 133] .
ونُورِثُ نَجْعَلُ وَارِثًا، أَيْ نُعْطِي الْإِرْثَ. وَحَقِيقَةُ الْإِرْثِ: انْتِقَالُ مَالِ الْقَرِيبِ إِلَى قَرِيبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَالِهِ فَهُوَ انْتِقَالٌ مُقَيَّدٌ بِحَالَةٍ. وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِلْعَطِيَّةِ الْمُدَّخَرَةِ لِمُعْطَاهَا، تَشْبِيهًا بِمَالِ الِمَوْرُوثِ الَّذِي يَصِيرُ إِلَى وَارِثِهِ آخِرَ الْأَمر.
وَقَرَأَ الجمور نُورِثُ بِسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَ الضَّمَّةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَقَرَأَهُ رُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ: نُوَرِّثُ- بِفَتْحِ الْوَاوِ تَشْدِيد الرَّاءِ- مِنْ ورّثه المضاعف.