وَنُونُ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي نُونِ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ جَارِيَةً عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ.
وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهَيْنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ فَإِنَّهَا الْتِفَاتٌ عَنْ قَوْلِهِ بِآياتِ رَبِّهِمْ، وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: فَلَا يُقِيمُ لَهُمْ.
وَنَفْيُ إِقَامَةِ الْوَزْنِ مُسْتَعْمَلٌ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ، وَفِي حَقَارَتِهِ لِأَنَّ النَّاسَ يَزِنُونَ الْأَشْيَاءَ الْمُتَنَافَسَ فِي مَقَادِيرِهَا وَالشَّيْءُ التَّافِهُ لَا يُوزَنُ، فَشُبِّهُوا بِالْمُحَقَّرَاتِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَكْنِيَّةِ وَأَثْبَتَ لَهُمْ عَدَمَ الْوَزْنِ تَخْيِيلًا.
وَجُعِلَ عَدَمُ إِقَامَةِ الْوَزْنِ مُفَرَّعًا عَلَى حَبْطِ أَعْمَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ بِحَبْطِ أَعْمَالِهِمْ صَارُوا مُحَقَّرِينَ لَا شَيْءَ لَهُمْ من الصَّالِحَات.
[106]
ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً (106)
الْإِشَارَةُ إِمَّا إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَعِيدِهِمْ فِي قَوْلِهِ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا، أَيْ ذَلِكَ الْإِعْدَادُ جَزَاؤُهُمْ.
وَقَوْلُهُ جَزاؤُهُمْ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ. وَقَوْلُهُ جَهَنَّمُ بَدَلٌ مِنْ جَزاؤُهُمْ بَدَلًا مُطَابِقًا لِأَنَّ إِعْدَادَ جَهَنَّمَ هُوَ عَيْنُ جَهَنَّمَ. وَإِعَادَةُ لَفْظِ جَهَنَّمَ أَكْسَبَهُ قُوَّةَ التَّأْكِيدِ.
وَإِمَّا إِلَى مُقَدَّرٍ فِي الذِّهْنِ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاق يُبينهُ مَا بَعْدَهُ عَلَى نَحْوِ اسْتِعْمَالِ ضَمِيرِ الشَّأْنِ مَعَ تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. وَالتَّقْدِيرُ: الْأَمْرُ وَالشَّأْنُ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ.