وأَعْتَدْنا: أَعْدَدْنَا، أبدل الدَّال الأولى تَاءً لِقُرْبِ الْحَرْفَيْنِ، وَالْإِعْدَادُ: التَّهْيِئَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ نَارا [الْكَهْف: 29] . وَجَعَلَ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ ضَمِيرَ الْجَلَالَةِ لِإِدْخَالِ الرَّوْعِ فِي ضَمَائِرِ الْمُشْرِكِينَ.

وَالنُّزُلُ- بِضَمَّتَيْنِ-: مَا يُعَدُّ لِلنَّزِيلِ وَالضَّيْفِ مِنَ الْقِرَى. وَإِطْلَاقُ اسْمِ النُّزُلِ عَلَى الْعَذَابِ اسْتِعَارَةٌ عَلَاقَتُهَا التَّهَكُّمُ، كَقَوْلِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:

قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنَا قِرَاكُمْ ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ مرداة طحونا

[103، 104]

[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 103 إِلَى 104]

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)

اعْتِرَاضٌ بِاسْتِئْنَافٍ ابْتِدَائِيٍّ أَثَارَهُ مَضْمُونُ جُمْلَةِ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَخْ ...

فَإِنَّهُمْ لَمَّا اتَّخَذُوا أَوْلِيَاءَ مَنْ لَيْسُوا يَنْفَعُونَهُمْ فَاخْتَارُوا الْأَصْنَامَ وَعَبَدُوهَا وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهَا بِمَا أَمْكَنَهُمْ مِنَ الْقُرْبِ اغْتِرَارًا بِأَنَّهَا تَدْفَعُ عَنْهُمْ وَهِيَ لَا تُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا فَكَانَ عَمَلُهُمْ خَاسِرًا وَسَعْيُهُمْ بَاطِلًا. فَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ هُوَ قَوْلُهُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ ... إِلَخْ.

وَافْتِتَاحُ الْجُمْلَةِ بِالْأَمْرِ بِالْقَوْلِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْمَقُولِ بِإِصْغَاءِ السَّامِعِينَ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الِافْتِتَاحِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ فِي غَرَض مهمّ، وَكَذَلِكَ افْتِتَاحُهُ بِاسْتِفْهَامِهِمْ عَنْ إِنْبَائِهِمُ اسْتِفْهَامًا مُسْتَعْمَلًا فِي الْعَرْضِ لِأَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015