وَالْحَالَةُ الْمُمَثَّلَةُ حَالَةٌ غَرِيبَةٌ لَا يَعْلَمُ تَفْصِيلَهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.
وتأكيد فعلي فَجَمَعْناهُمْ وعَرَضْنا بِمَصْدَرَيْهِمَا لِتَحَقُّقِ أَنَّهُ جَمْعٌ حَقِيقِيٌّ وَعَرْضٌ حَقِيقِيٌّ لَيْسَا مِنَ الْمَجَازِ، وَفِي تَنْكِيرِ الْجَمْعِ وَالْعَرْضِ تَهْوِيلٌ.
وَنَعْتُ الْكَافِرِينَ بِ الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَضْمُونَ الصِّلَةِ هُوَ سَبَبُ عَرَضِ جَهَنَّمَ لَهُمْ، أَيِ الَّذِينَ عُرِفُوا بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا.
وَالْغِطَاءُ: مُسْتَعَارٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِدَلَالَةِ الْبَصَرِ عَلَى تَفَرُّدِ اللَّهِ بِالْإِلَهِيَّةِ.
وَحَرْفُ (مِنْ) لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ، وَهِيَ تَمَكُّنُ الْغِطَاءِ مِنْ أَعْيُنِهِمْ بِحَيْثُ كَأَنَّهَا محوية للغطاء.
و (عَن) لِلْمُجَاوَزَةِ، أَيْ عَنِ النَّظَرِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ ذِكْرِي.
وَنَفْيُ اسْتِطَاعَتِهِمُ السَّمْعَ أَنَّهُمْ لِشِدَّةِ كُفْرِهِمْ لَا تُطَاوِعُهُمْ نُفُوسُهُمْ لِلِاسْتِمَاعِ. وَحُذِفَ مَفْعُولُ سَمْعاً لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ عَنْ ذِكْرِي عَلَيْهِ.
وَالتَّقْدِيرُ: سَمْعًا لِآيَاتِي، فَنَفْيُ الِاسْتِطَاعَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي نَفْيِ الرَّغْبَةِ وَفِي الْإِعْرَاضِ كَقَوْلِهِ وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ [فصلت: 5] .
وَعَرْضُ جَهَنَّمَ مُسْتَعْمَلٌ فِي إِبْرَازِهَا حِينَ يُشْرِفُونَ عَلَيْهَا وَقَدْ سِيقُوا إِلَيْهَا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْمُهَيَّئَةُ لَهُمْ، فَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالْعَرْضِ تَهَكُّمًا بِهِمْ، لِأَنَّ الْعَرْضَ هُوَ إِظْهَارُ مَا فِيهِ رَغْبَة وشهوة.