وَجُمْلَةُ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا تَذْيِيلٌ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَجَلٍ يَنْتَهِي إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ [الرَّعْد: 38] ولِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ [يُونُس: 49] أَيْ وَكَانَ تَأْجِيلُ اللَّهِ الْأَشْيَاءَ حَقًّا ثَابِتًا لَا يَتَخَلَّفُ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ بِعُمُومِهَا وَمَا فِيهَا مِنْ حِكْمَةٍ كَانَتْ تَذْيِيلًا بَدِيعًا.

[99- 101]

[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 99 الى 101]

وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (99) وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (100) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (101)

وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ

التَّرْكُ: حَقِيقَتُهُ مُفَارَقَةُ شَيْءٍ شَيْئًا كَانَ بِقُرْبِهِ، وَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى جَعْلِ الشَّيْءِ بِحَالَةٍ مُخَالِفَةٍ لِحَالَةٍ سَابِقَةٍ تَمْثِيلًا لِحَالِ إِلْفَائِهِ عَلَى حَالَةٍ، ثُمَّ تَغْيِيرِهَا بِحَالِ مَنْ كَانَ قُرْبَ شَيْءٍ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا الْمَجَازُ مُقَيَّدًا بِحَالَةٍ كَانَ عَلَيْهَا مَفْعُولُ تَرَكَ، فَيُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ آخِرُ الْعَهْدِ، وَذَلِكَ يَسْتَتْبِعُ أَنَّهُ يَدُومُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ الَّذِي تَرَكَهُ عَلَيْهَا بِالْقَرِينَةِ.

وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ، فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ لِذِكْرِ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الثَّالِثَةِ مِنْ قَصَصِ ذِي الْقَرْنَيْنِ إِذْ أَلْهَمَهُ دَفْعَ فَسَادِ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ، بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةِ قُلْنا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ فِي الْقِصَّةِ الْأُولَى، وَجُمْلَةِ كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً فَجَاءَ أُسْلُوبُ حِكَايَةِ هَذِهِ الْقَصَصِ الثَّلَاثِ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ.

ويَوْمَئِذٍ هُوَ يَوْمُ إِتْمَامِ بِنَاءِ السَّدِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ الْآيَةَ.

ويَمُوجُ يَضْطَرِبُ تَشْبِيهًا بِمَوْجِ الْبَحْرِ.

وَجُمْلَةُ يَمُوجُ حَالٌ مِنْ بَعْضَهُمْ أَوْ مفعول ثَان ل تَرَكْنا عَلَى تَأْوِيلِهِ بِ (جَعَلْنَا) ، أَيْ جَعَلْنَا يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ يَوْمَئِذٍ مُضْطَرِبِينَ بَيْنَهُمْ فَصَارَ فَسَادُهُمْ قَاصِرًا عَلَيْهِمْ وَدُفِعَ عَنْ غَيْرِهِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015