بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْكَهْفِ
[75، 76]
قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (75) قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76)
كَانَ جَوَابُ الْخَضِرِ هَذَا عَلَى نَسَقِ جَوَابِهِ السَّابِقِ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ مَا حُكِيَ فِي الْآيَةِ بِكَلِمَةِ لَكَ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمُتَعَلِّقِ فِعْلِ الْقَوْلِ. وَإِذْ كَانَ الْمَقُولُ لَهُ مَعْلُومًا مِنْ مَقَامِ الْخِطَابِ كَانَ فِي التَّصْرِيحِ بِمُتَعَلِّقِ فِعْلِ الْقَوْلِ تَحْقِيقٌ لِوُقُوعِ الْقَوْلِ وَتَثْبِيتٌ لَهُ وَتَقْوِيَةٌ، وَالدَّاعِي لِذَلِكَ أَنَّهُ أَهْمَلَ الْعَمَلَ بِهِ.
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَكَ لَامُ التَّبْلِيغِ، وَهِيَ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى اسْمِ أَوْ ضَمِيرِ السَّامِعِ لِقَوْلٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، نَحْوَ: قَلْتُ لَهُ، وَأَذِنْتُ لَهُ، وَفَسَّرْتُ لَهُ وَذَلِكَ عِنْد مَا يَكُونُ الْمَقُولُ لَهُ الْكَلَامُ مَعْلُومًا مِنَ السِّيَاقِ فَيَكُونُ ذِكْرُ اللَّامِ لِزِيَادَةِ تَقَوِّي الْكَلَامِ وَتَبْلِيغِهِ إِلَى السَّامِعِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ لَامُ التَّبْلِيغِ. أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّامَ لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهِ فِي جَوَابِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً، فَكَانَ التَّقْرِيرُ وَالْإِنْكَارُ مَعَ ذِكْرِ لَامِ تَعْدِيَةِ الْقَوْلِ أَقْوَى وَأَشَدَّ.