قالَ ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (64) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68)
قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70)
قالَ ذلِكَ إِلَخْ.. جَوَابٌ عَنْ كَلَامِهِ، وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ كَمَا بَيَّنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَالْإِشَارَةُ بِ ذلِكَ إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ خَبَرُ الْفَتَى مِنْ فَقْدِ الْحُوتِ. وَمَعْنَى كَوْنِهِ الْمُبْتَغَى أَنَّهُ وَسِيلَةُ الْمُبْتَغَى. وَإِنَّمَا الْمُبْتَغَى هُوَ لِقَاءُ الْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُفْقَدُ فِيهِ الْحُوتُ.
وَكُتِبَ نَبْغِ فِي الْمُصْحَفِ بِدُونِ يَاءٍ فِي آخِرِهِ، فَقِيلَ: أَرَادَ الْكَاتِبُونَ مُرَاعَاةَ حَالَةِ الْوَقْفِ، لِأَنَّ الْأَحْسَنَ فِي الْوَقْفِ عَلَى يَاءِ الْمَنْقُوصِ أَنْ يُوقَفَ بِحَذْفِهَا. وَقِيلَ: أَرَادُوا التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّهَا رُوِيَتْ مَحْذُوفَةً فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَالْعَرَبُ يَمِيلُونَ إِلَى التَّخْفِيفِ. فَقَرَأَ نَافِعٌ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ- بِحَذْفِ الْيَاءِ- فِي الْوَقْفِ وَإِثْبَاتِهَا فِي الْوَصْلِ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ، وَابْنُ عَامِرٍ بِحَذْفِ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَيَعْقُوبُ بِإِثْبَاتِهَا فِي الْحَالَيْنِ، وَالنُّونُ نُونُ الْمُتَكَلِّمِ الْمُشَارِكِ، أَيْ مَا أَبْغِيهِ أَنَا وَأَنْتَ، وَكِلَاهُمَا يَبْغِي مُلَاقَاةَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ.
وَالِارْتِدَادُ: مُطَاوِعُ الرَّدِّ كَأَنَّ رَادًّا رَدَّهُمَا. وَإِنَّمَا رَدَّتْهُمَا إِرَادَتُهُمَا، أَيْ رَجَعَا عَلَى آثَارِ سَيْرِهِمَا، أَيْ رَجَعَا عَلَى طَرِيقِهِمَا الَّذِي أَتَيَا مِنْهُ.