وَالْوَلِيُّ: مَنْ يَتَوَلَّى، أَيْ يَتَّخِذُ ذَا وَلَايَةٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهِيَ الْقُرْبُ. وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُرْبُ الْمَعْنَوِيُّ، وَهُوَ الصَّدَاقَةُ وَالنَّسَبُ وَالْحِلْفُ. و (من) زايدة لِلتَّوْكِيدِ، أَيْ تَتَّخِذُونَهُمْ أَوْلِيَاءَ مُبَاعِدِينَ لِي. وَذَلِكَ هُوَ إِشْرَاكُهُمْ فِي الْعِبَادَةِ، فَإِنَّ كُلَّ حَالَةٍ يَعْبُدُونَ فِيهَا الْآلِهَةَ هِيَ اتِّخَاذٌ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ.
وَالْخطاب فِي أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَمَا بَعْدَهُ خِطَابٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُ وَلِيًّا، وَتَحْذِيرٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ.
وَجُمْلَةُ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا مُسْتَأْنَفَةٌ لِإِنْشَاءِ ذَمِّ إِبْلِيسَ وَذُرِّيَّتِهِ بِاعْتِبَارِ اتِّخَاذِ الْمُشْرِكِينَ إِيَّاهُمْ أَوْلِيَاءَ، أَيْ بِئْسَ الْبَدَلُ لِلْمُشْرِكِينَ الشَّيْطَانُ وَذُرِّيَّتُهُ، فَقَوْلُهُ: بَدَلًا تَمْيِيزٌ مُفَسِّرٌ لِاسْمِ (بِئْسَ) الْمَحْذُوفِ لِقَصْدِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِجْمَالِ ثُمَّ التَّفْصِيلِ.
وَالظَّالِمُونَ هُمُ الْمُشْرِكُونَ. وَإِظْهَارُ الظَّالِمِينَ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ لِلتَّشْهِيرِ بِهِمْ، وَلِمَا فِي الِاسْمِ الظَّاهِرِ مِنْ مَعْنَى الظُّلْمِ الَّذِي هُوَ ذمّ لَهُم.
[51]
مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (51)
تَتَنَزَّلُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَنْزِلَةَ التَّعْلِيلِ لِلْجُمْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا وَهُمَا أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ إِلَى قَوْله: بَدَلًا [الْكَهْف: 50] ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَشْهَدُوا خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ لِلَّهِ فِي الْخَلْقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلَمْ يَكُونُوا أَحِقَّاءَ بِأَنْ يُعْبَدُوا. وَهَذَا احْتِجَاجٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِمَا يَعْتَرِفُونَ بِهِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَخَلْقِ الْمَوْجُودَاتِ.
وَالْإِشْهَادُ: جَعْلُ الْغَيْرِ شَاهِدًا، أَيْ حَاضِرًا، وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ إِحْضَارٍ خَاصٍّ، وَهُوَ إِحْضَارُ الْمُشَارَكَةِ فِي الْعَمَلِ أَوِ الْإِعَانَةِ عَلَيْهِ. وَنَفْيُ هَذَا الشُّهُودِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ