وَضَمِيرُ لَهُ عَائِدٌ إِلَى الْكِتابَ.

وَإِنَّمَا عُدِّيَ الْجَعْلُ بِاللَّامِ دُونَ (فِي) لِأَنَّ الْعِوَجَ الْمَعْنَوِيَّ يُنَاسِبُهُ حَرْفُ الِاخْتِصَاصِ دُونَ حَرْفِ الظَّرْفِيَّةِ لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ مِنْ عَلَائِقِ الْأَجْسَامِ، وَأَمَّا مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ فَهُوَ أَعَمُّ.

فَالْمَعْنَى: أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِكَمَالِ أَوْصَافِ الْكُتُبِ مِنْ صِحَّةِ الْمَعَانِي وَالسَّلَامَةِ مِنَ الْخَطَأِ وَالِاخْتِلَافِ. وَهَذَا وَصْفُ كَمَالٍ لِلْكِتَابِ فِي ذَاتِهِ وَهُوَ مُقْتَضٍ أَنَّهُ أَهْلٌ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، فَهَذَا كَوَصْفِهِ بِأَنَّهُ لَا رَيْبَ فِيهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [2] .

وقَيِّماً حَالٌ مِنَ الْكِتابَ أَوْ مِنْ ضَمِيرِهِ الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ، لِأَنَّهُ إِذَا جُعِلَ حَالًا

مِنْ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ الِاتِّصَافُ بِهِ لِلْآخَرِ إِذْ هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَلَا طَائِلَ فِيمَا أَطَالُوا بِهِ مِنَ الْإِعْرَابِ.

وَالْقَيِّمُ: صِفَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الْقِيَامِ الْمَجَازِيِّ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى دَوَامِ تَعَهُّدِ شَيْءٍ وَمُلَازَمَةِ صَلَاحِهِ، لِأَنَّ التَّعَهُّدَ يَسْتَلْزِمُ الْقِيَامَ لِرُؤْيَةِ الشَّيْءِ وَالتَّيَقُّظَ لِأَحْوَالِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: الْحَيُّ الْقَيُّومُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [255] .

وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَنَّهُ قَيِّمٌ عَلَى هَدْيِ الْأُمَّةِ وَإِصْلَاحِهَا، فَالْمُرَادُ أَنَّ كَمَالَهُ مُتَعَدٍّ بِالنَّفْعِ، فَوِزَانُهُ وِزَانُ وَصْفِهِ بِأَنَّهُ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: [2] .

وَالْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً وَقَوْلِهِ: قَيِّماً كَالْجَمْعِ بَيْنَ لَا رَيْبَ فِيهِ [الْبَقَرَة: 2] وَبَيْنَ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [الْبَقَرَة: 2] وَلَيْسَ هُوَ تَأْكِيدًا لِنَفْيِ الْعِوَجِ.

لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ لِيُنْذِرَ مُتَعَلِّقٌ بِ أَنْزَلَ. وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ، أَيْ لِيُنْذِرَ اللَّهُ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ، وَالْمَفْعُول الأول لِيُنْذِرَ مَحْذُوفٌ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015