وَجُمْلَةُ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ تَعْلِيلٌ لِمَعْنَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ إِيمَانِهِمْ بِهِ وَعَدَمِهِ أَوْ تَعْلِيلٌ لِفِعْلِ قُلْ، أَوْ لِكِلَيْهِمَا، شَأْنَ الْعِلَلِ الَّتِي تَرِدُ بَعْدَ جُمَلٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ. وَمَوْقِعُ (إِنَّ) فِيهَا مَوْقِعُ فَاءِ التَّفْرِيعِ، أَيْ إِنَّمَا كَانَ إِيمَانُكُمْ بِالْقُرْآنِ وَعَدَمُهُ سَوَاءً لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ إِيمَانِكُمْ بِهِ بِإِيمَانِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِ نُزُولِهِ، فَهُمْ أَرْجَحُ مِنْكُمْ أَحْلَامًا وَأَفْضَلُ مَقَامًا، وَهُمُ الَّذِينَ أُوتُوا الْعلم، فَإِنَّهُم إِذا يَسْمَعُونَهُ يُؤمنُونَ بِهِ وَيَزِيدُهُمْ إِيمَانًا بِمَا فِي كُتُبِهِمْ مِنَ الْوَعْدِ بِالرَّسُولِ الَّذِي أُنْزِلَ هَذَا عَلَيْهِ.

وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ جَهَلَةٌ وَأَهْلُ جَاهِلِيَّةٍ.

وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَمْثَالُ: وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَقَدْ تَسَامَعَ أَهْلُ مَكَّةَ بِشَهَادَتِهِ للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ آمَنَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ مِثْلِ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَمُعَيْقِيبٍ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ.

فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِخْبَارٌ بِمَغِيبٍ.

وَضَمَائِرُ «بِهِ، وَمِنْ قَبْلِهِ، وَيُتْلَى» عَائِدَةٌ إِلَى الْقُرْآنِ. وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مَعْلُومٍ مِنَ الْمَقَامِ مَعْهُودِ الْحَذْفِ، أَيْ آمَنُوا بِصِدْقِهِ. وَمِنْ قَبْلِ نُزُولِهِ.

وَالْخُرُورُ: سُقُوطُ الْجِسْمِ. قَالَ تَعَالَى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ [النَّحْل:

26] .

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [143] .

وَاللَّامُ فِي لِلْأَذْقانِ بِمَعْنَى (عَلَى) كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ [الصافات: 103] ، وَقَوْلِ تَأَبَّطَ شَرًّا:

............... ..... (?) ... صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْجِرَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015