وَأَكَّدَ جَوَابَ (لَوْ) بِزِيَادَة حرف (إِذن) فِيهِ لِتَقْوِيَةِ مَعْنَى الْجَوَابِيَّةِ، وَلِأَن فِي (إِذن) مَعْنَى الْجَزَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ: قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا تَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا [الْإِسْرَاء: 42] . وَمِنْهُ قَوْلُ بِشْرِ بْنِ عَوَانَةَ:
أَفَاطِمُ لَوْ شَهِدْتِ بِبَطْنِ خَبْتٍ ... وَقَدْ لَاقَى الْهِزَبْرُ أَخَاك بشرا
إِذن لَرَأَيْتِ لَيْثًا أَمّ لَيْثًا ... هِزَبْرًا أَغْلَبًا لَاقَى هِزَبْرَا
وَجُمْلَةُ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً حَالِيَّةٌ أَوِ اعْتِرَاضِيَّةٌ فِي آخِرِ الْكَلَامِ، وَهِيَ تُفِيدُ تَذْيِيلًا لِأَنَّهَا عَامَّةُ الْحُكْمِ. فَالْوَاوُ فِيهَا لَيْسَتْ عَاطِفَةً.
وَالْقَتُورُ: الشَّدِيدُ الْبُخْلِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَتْرِ وَهُوَ التَّضْيِيقُ فِي الْإِنْفَاق.
[101، 102]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسى مَسْحُوراً (101) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102)
بَقِيَ قَوْلُهُمْ: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً [الْإِسْرَاء: 92] غَيْرَ مَرْدُودٍ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ لَهُ مُخَالَفَةً لِبَقِيَّةِ مَا اقْتَرَحُوهُ بِأَنَّهُ اقْتِرَاحُ آيَةِ عَذَابٍ وَرُعْبٍ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ آيَاتِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- التِّسْعِ. فَكَانَ ذِكْرُ مَا آتَاهُ اللَّهُ مُوسَى مِنَ الْآيَاتِ وَعَدَمِ إِجْدَاءِ ذَلِكَ فِي فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ تَنْظِيرًا لِمَا سَأَلَهُ الْمُشْرِكُونَ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّنَا آتَيْنَا مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتِ الدَّلَالَةِ عَلَى صِدْقِهِ فَلَمْ يَهْتَدِ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَزَعَمُوا ذَلِكَ سِحْرًا، فَفِي ذَلِكَِِ