وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ لِيَذَّكَّرُوا بِسُكُونِ الذَّالِ وَضَمِّ الْكَافِ مُخَفَّفَةً مُضَارِعُ ذَكَرَ الَّذِي مَصْدَرُهُ الذُّكْرُ- بِضَمِّ الذَّالِ-.
وَجُمْلَةُ وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَهُوَ حَالٌ مَقْصُودٌ مِنْهُ التَّعْجِيبُ مِنْ حَالِ ضَلَالَتِهِمْ. إِذْ كَانُوا يَزْدَادُونَ نُفُورًا مِنْ كَلَامٍ فَصْلٍ وَبَيِّنٍ لِتَذْكِيرِهِمْ. وَشَأْنُ التَّفْصِيلِ أَنْ يُفِيدَ الطُّمَأْنِينَةَ لِلْمَقْصُودِ. وَالنُّفُورُ: هُرُوبُ الْوَحْشِيِّ وَالدَّابَّةِ بِجَزَعٍ وَخَشْيَةٍ مِنَ الْأَذَى.
وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِإِعْرَاضِهِمْ تَنْزِيلًا لَهُمْ مَنْزِلَةَ الدَّوَابّ والأنعام.
[42]
قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (42)
عَوْدٌ إِلَى إِبْطَالِ تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ زِيَادَةً فِي اسْتِئْصَالِ عَقَائِدِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ عُرُوقِهَا، فَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ بَعْدَ جُمْلَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً [الْإِسْرَاء: 39] . وَالْمُخَاطَبُ بِالْأَمْرِ بِالْقَوْلِ هُوَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدَمْغِهِمْ بِالْحُجَّةِ الْمُقْنِعَةِ بِفَسَادِ قَوْلِهِمْ. وَلِلِاهْتِمَامِ بِهَا افْتُتِحَتْ بِ قُلْ تَخْصِيصًا لِهَذَا بِالتَّبْلِيغِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ مَأْمُورًا بِتَبْلِيغِهِ.
وَجُمْلَةُ كَمَا تَقُولُونَ مُعْتَرِضَةٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ تَعَدُّدَ الْآلِهَةِ لَا تَحَقُّقَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ
مُجَرَّدُ قَوْلٍ عَارٍ عَنِ الْمُطَابَقَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَابْتِغَاءُ السَّبِيلِ: طَلَبُ طَرِيقِ الْوُصُولِ إِلَى الشَّيْءِ، أَيْ تَوَخِّيهِ وَالِاجْتِهَادِ لِإِصَابَتِهِ، وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي تَوَخِّي وَسِيلَةِ الشَّيْءِ. وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ مُوسَى وَالْخَضِرِ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- أَنَّ مُوسَى سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقْيَا الْخَضِرِ.
وَ (إِذَنْ) دَالَّةٌ عَلَى الْجَوَابِ وَالْجَزَاءِ فَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنَى الْجَوَابِ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّامُ الْمُقْتَرِنَةُ بِجَوَابِ (لَوْ) الِامْتِنَاعِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى امْتِنَاعِ حُصُولِ