وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أُمِرُوا بِالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ. وَالتَّعْرِيفُ فِي الْعَهْدَ لِلْجِنْسِ الْمُفِيدِ لِلِاسْتِغْرَاقٍ يَشْمَلُ الْعَهْدَ الَّذِي عَاهَدُوا عَلَيْهِ النَّبِيءَ، وَهُوَ الْبَيْعَةُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالنَّصْرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ فِي سُورَةِ النَّحْلِ [91] وَقَوْلِهِ: وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا
فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [152] .
وَهَذَا التَّشْرِيعُ مِنْ أُصُولِ حُرْمَةِ الْأُمَّةِ فِي نَظَرِ الْأُمَمِ وَالثِّقَةِ بِهَا لِلِانْزِوَاءِ تَحْتَ سُلْطَانِهَا. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ. وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا. وَهِيَ مِنْ عِدَادِ مَا وَقَعَ بَعْدَ (أَنِ) التَّفْسِيرِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: أَلَّا تَعْبُدُوا الْآيَات [الْإِسْرَاء: 23] .
وَهِيَ الْوَصِيَّةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ، أَيْ لِلْإِيجَابِ الَّذِي اقْتَضَاهُ، وَإِعَادَةُ لَفْظِ الْعَهْدَ فِي مَقَامِ إِضْمَارِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ، وَلِتَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً فَتَسْرِي مَسْرَى الْمَثَلِ.
وَحذف مُتَعَلق مَسْؤُلًا لظُهُوره، أَي مسؤولا عَنْهُ، أَيْ يَسْأَلُكُمُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْم الْقِيَامَة.
[35]
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (35)
هَذَانِ حُكْمَانِ هُمَا الثَّانِيَ عَشَرَ وَالثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الْوَصَايَا الَّتِي قَضَى اللَّهُ بِهَا. وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ.
وَزِيَادَةُ الظَّرْفِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ إِذا كِلْتُمْ دُونَ ذِكْرِ نَظِيرِهِ فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ لِمَا فِي (إِذَا) مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ فَتَقْتَضِي تَجَدُّدَ مَا تَضَمَّنَهُ الْأَمْرُ فِي