وَجُمْلَةُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ وَسَعى. وَجِيءَ بِجُمْلَةِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ اسْمِيَّةً لِدَلَالَتِهَا عَلَى الثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ، أَيْ وَقَدْ كَانَ رَاسِخَ الْإِيمَانِ، وَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَلَد: 17] لِمَا فِي (كَانَ) مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى كَوْنِ الْإِيمَانِ مَلَكَةً لَهُ.
وَالْإِتْيَانُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فِي فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ جَدِيرُونَ بِمَا سَيُخْبِرُ بِهِ عَنْهُمْ لِأَجْلِ مَا وُصِفُوا بِهِ قَبْلَ ذِكْرِ اسْمِ الْإِشَارَةِ.
وَالسَّعْيُ الْمَشْكُورُ هُوَ الْمَشْكُورُ سَاعِيهِ، فَوَصْفُهُ بِهِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، إِذِ الْمَشْكُورُ الْمَرْضِيُّ عَنْهُ، وَإِذِ الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارُ عَنْ جَزَاءِ عَمَلِ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا لَا عَنْ حُسْنِ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ قَسِيمٌ لِجَزَاءِ مَنْ أَرَادَ الْعَاجِلَةَ وَأَعْرَضَ عَنِ الْآخِرَةِ، وَلَكِنْ جَعَلَ الْوَصْفَ لِلْعَمَلِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ عَامِلِهِ بِأَنَّهُ مَرْضِيٌّ عَنْهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْكِنَايَةِ الرَّاجِعَةِ إِلَى إِثْبَاتِ الشَّيْءِ بِوَاسِطَةِ إِثْبَاتِ مَلْزُومِهِ.
وَالتَّعْبِيرُ بِ كانَ فِي كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ تَحَقَّقَ فِيهِ مِنْ قَبْلُ، أَيْ مِنَ الدُّنْيَا لِأَنَّ الطَّاعَةَ تَقْتَضِي تَرَتُّبَ الشُّكْرِ عَاجِلًا وَالثَّوَابِ آجِلًا. وَقَدْ جَمَعَ كَوْنُهُ مَشْكُورًا خَيْرَاتٍ كَثِيرَةً يَطُولُ تَفْصِيلُهَا لَوْ أُرِيد تَفْصِيله.
[20]
كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20)
تَذْيِيلٌ لِآيَةِ مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ إِلَى آخرهَا [الْإِسْرَاء: 18] .
وَهَذِهِ الْآيَةُ فَذْلَكَةٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَتْرُكْ خَلْقَهُ مِنْ أَثَرِ رَحْمَتِهِ حَتَّى الْكَفَرَةَ مِنْهُمُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِلِقَائِهِ فَقَدْ أَعْطَاهُمْ مِنْ نِعْمَةِ الدُّنْيَا عَلَى