فِي يُضِلُّ لِلَّهِ، وَالضَّمِيرُ السَّبَبِيُّ أَيْضًا مَحْذُوفٌ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ قَدَّرَ دَوَامَ ضَلَالِهِ، كَقَوْلِهِ

تَعَالَى: وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [سُورَة الجاثية: 23] إِلَى قَوْلِهِ: فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ [سُورَة الجاثية: 23] .

وَمَعْنَى وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ مَا لَهُمْ نَاصِرٌ يُنْجِيهِمْ مِنَ الْعَذَابِ، أَيْ كَمَا أَنَّهُمْ مَا لَهُمْ مُنْقِذٌ مِنَ الضَّلَالِ الْوَاقِعِينَ فِيهِ مَا لَهُمْ نَاصِرٌ يَدْفَعُ عَنْهُمْ عواقب الضلال.

[38]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 38]

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (38)

انْتِقَالٌ لِحِكَايَةِ مَقَالَةٍ أُخْرَى مِنْ شَنِيعِ مَقَالَاتِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ، وَاسْتِدْلَالٌ مِنْ أَدِلَّةِ تَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يخبر بِهِ إِظْهَارًا لِدَعْوَتِهِ فِي مَظْهَرِ الْمُحَالِ، وَذَلِكَ إِنْكَارُهُمُ الْحَيَاة الثَّانِيَة ولبعث بَعْدَ الْمَوْتِ. وَذَلِكَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي هَذِهِ السُّورَةِ سِوَى الِاسْتِطْرَادِ بِقَوْلِهِ:

فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ [سُورَة النَّحْل: 22] .

وَالْقَسَمُ عَلَى نَفْيِ الْبَعْثِ أَرَادُوا بِهِ الدَّلَالَةَ على يقينهم بانتفانه.

وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي جَهْدَ أَيْمانِهِمْ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [53] .

وَإِنَّمَا أَيْقَنُوا بِذَلِكَ وَأَقْسَمُوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ تَوَهَّمُوا أَنَّ سَلَامَةَ الْأَجْسَامِ وَعَدَمَ انْخِرَامِهَا شَرْطٌ لِقَبُولِهَا الْحَيَاةَ، وَقَدْ رَأَوْا أَجْسَادَ الْمَوْتَى مُعَرَّضَةً لِلِاضْمِحْلَالِ فَكَيْفَ تُعَادُ كَمَا كَانَتْ.

وَجُمْلَةُ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ عَطْفُ بَيَانٍ لِجُمْلَةِ أَقْسَمُوا وَهِيَ مَا أَقْسَمُوا عَلَيْهِ.

وَالْبَعْثُ تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [سُورَة النَّمْل: 65] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015