بِهِ، أَوِ اشْتُقَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْحِتُونَ بُيُوتَهُمْ فِي صَخْرِ الْجَبَلِ نَحْتًا مُحْكَمًا. وَقَدْ جُعِلَتْ طَبَقَاتٌ وَفِي وَسَطِهَا بِئْرٌ عَظِيمَةٌ وَبِئَارٌ كَثِيرَةٌ.
وَالْحِجْرُ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِوَادِي الْقُرَى وَهُوَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْيَوْمَ بِاسْمِ مَدَائِنِ صَالِحٍ عَلَى الطَّرِيقِ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى تَبُوكَ.
وَأَمَّا حَجْرُ الْيَمَامَةِ مَدِينَةِ بَنِي حَنِيفَةَ فَهِيَ- بِفَتْحِ الْحَاءِ- وَهِيَ فِي بِلَادِ نَجْدٍ وَتُسَمَّى الْعُرُوضُ وَهِيَ الْيَوْمَ مِنْ بِلَادِ الْبَحْرَيْنِ.
وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ الْمُسْتَشْرِقِينَ مِنَ الْإِفْرِنْجِ أَنَّ الْبُيُوتَ الْمَنْحُوتَةَ فِي ذَلِكَ الْجَبَلِ كَانَتْ قُبُورًا، وَتَعَلَّقُوا بِحُجَجٍ وَهْمِيَّةٍ. وَمِمَّا يُفَنِّدُ أَقْوَالَهُمْ خَلُوُّ تِلْكَ الْكُهُوفِ عَنْ أَجْسَادٍ آدَمِيَّةٍ.
وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ قُبُورًا فَأَيْنَ كَانَتْ مَنَازِلُ الْأَحْيَاءِ؟.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ثَمُودَ لَمَّا أَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ كَانُوا مُنْتَشِرِينَ فِي خَارِجِ الْبُيُوتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ. وَقَدْ وُجِدَتْ فِي مَدَاخِلِ تِلْكَ الْبُيُوتِ نُقَرٌ صَغِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مَجْعُولَةٌ لِوَصْدِ أَبْوَابِ الْمَدَاخِلِ فِي اللَّيْلِ.
وَتَعْرِيفُ الْمُرْسَلِينَ لِلْجِنْسِ، فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ، إِذِ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا صَالِحًا-
عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [سُورَة الشُّعَرَاء: 105] .
وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَكَذَلِكَ جَمْعُ الْآيَاتِ فِي قَوْلِهِ: آياتِنا مُرَادٌ بِهِ الْجِنْسُ، وَهِيَ آيَةُ النَّاقَةِ، أَوْ أُرِيدَ أَنَّهَا آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى آيَاتٍ فِي كَيْفِيَّةِ خُرُوجِهَا مِنْ صَخْرَةٍ، وَحَيَاتِهَا، وَرَعْيِهَا، وَشُرْبِهَا.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا خَرَجَ مَعَهَا فَصِيلُهَا، فَهُمَا آيَتَانِ.
وَجُمْلَةُ وَكانُوا يَنْحِتُونَ مُعْتَرِضَةٌ. وَالنَّحْتُ: بَرْيُ الْحَجَرِ أَوِ الْعُودِ مِنْ وَسَطِهِ أَوْ مِنْ جَوَانِبِهِ.
ومِنَ الْجِبالِ تَبْعِيضٌ مُتَعَلِّقٌ بِ يَنْحِتُونَ. وَالْمَعْنَى مِنْ صَخْرِ الْجِبَالِ، لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ يَنْحِتُونَ.