وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لَمُنَجُّوهُمْ- بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ- مُضَارِعُ نجّى المضاعف.
وقرأه حَمْزَةُ وَالْكسَائِيّ وَخلف- بِسُكُون النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ- مُضَارِعُ أَنْجَى الْمَهْمُوزِ.
وَإِسْنَادُ التَّقْدِيرِ إِلَى ضَمِيرِ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ عَلَى سَبَبِهِ. وَهُوَ مَا وُكِّلُوا بِهِ مِنْ تَحْذِيرِ لُوطٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَآلِهِ مِنْ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْعَذَابِ، وَتَرْكِهِمْ تَحْذِيرَ امْرَأَتِهِ حَتَّى الْتَفَتَتْ فَحَلَّ بِهَا مَا حَلَّ بِقَوْمِ لُوطٍ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ قَدَّرْنا- بِتَشْدِيدِ الدَّالِ- مِنَ التَّقْدِيرِ. وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ- بِتَخْفِيفِ الدَّالِ- مِنْ قَدَرَ الْمُجَرَّدِ وَهُمَا لُغَتَانِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ مُسْتَأْنَفَةٌ. وَ (إِنَّ) مُعَلِّقَةٌ لِفِعْلِ قَدَّرْنا عَنِ الْعَمَلِ فِي مَفْعُولِهِ. وأصل الْكَلَام قَدرنَا غُبُورُهَا، أَيْ ذَهَابُهَا وَهَلَاكُهَا.
وَالتَّعْلِيقُ يَطْرَأُ عَلَى الْأَفْعَالِ كُلِّهَا وَإِنَّمَا يَكْثُرُ فِي أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَيَقِلُّ فِي غَيْرِهَا.
وَلَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهَا عَلَى التَّحْقِيقِ.
وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْغَابِرِينَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.
[61- 65]
فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)
تَفْرِيعٌ عَلَى حِكَايَةِ قِصَّتِهِمْ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ طُوِيَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ خُرُوجِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ. وَالتَّقْدِيرُ: فَفَارَقُوهُ وَذَهَبُوا إِلَى لُوطٍ فَلَمَّا جَاءُوا لُوطًا.