الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [سُورَة الزخرف: 67] . وَقد كني بِنَفْيِ الْبَيْعِ وَالْخِلَالِ الَّتِي هِيَ وَسَائِلُ النَّوَالِ وَالْإِرْفَادِ عَنِ انْتِفَاءِ الِاسْتِزَادَةِ.
وَإِدْخَالُ حَرْفِ الْجَرِّ عَلَى اسْمِ الزَّمَانِ وَهُوَ قَبْلِ لِتَأْكِيدِ الْقَبْلِيَّةِ لِيُفْهَمَ مَعْنَى الْمُبَادَرَةِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لَا بَيْعٌ بِالرَّفْعِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَيَعْقُوبُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْفَتْحِ. وَهُمَا وَجْهَانِ فِي نَفْيِ النَّكِرَةِ بِحرف لَا.
[32- 34]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (33) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)
اسْتِئْنَافٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً الْآيَةَ.
وَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَدَلِّ عَلَيْهِ بِجُمْلَةِ قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ الْآيَةَ.
وَأُدْمِجَ فِي الِاسْتِدْلَالِ تَعْدَادَهُمْ لِنِعَمٍ تَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ عَلَيْهَا لِيَظْهَرَ حَالُ الَّذِينَ كَفَرُوهَا، وَبِالضِّدِّ حَالُ الَّذِينَ شَكَرُوا عَلَيْهَا، وَلِيَزْدَادَ الشَّاكِرُونَ شُكْرًا. فَالْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ هُوَ
الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْقِيبُهُ بِقَوْلِهِ: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ [سُورَة إِبْرَاهِيم: 35] . فَجِيءَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِنِعَمٍ عَامَّةٍ مَشْهُودَةٍ مَحْسُوسَةٍ لَا يُسْتَطَاعُ إِنْكَارُهَا إِلَّا أَنَّهَا محتاجة لِلتَّذْكِيرِ بِأَنَّ الْمُنْعِمَ بِهَا وَمُوجِدَهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى.