أَنَّهُمْ جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَم وَمن اتبعهُ من الْعَرَبِ الَّذِينَ تَنَصَّرُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ وَحَلُّوا بِبِلَادِ الرُّومِ، فَإِذَا صَحَّ عَنْهُ فَكَلَامُهُ عَلَى مَعْنَى التَّنْظِيرِ وَالتَّمْثِيلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ وَإِنَّمَا حَدَثَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.
وَجُمْلَةُ وَبِئْسَ الْقَرارُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ يَصْلَوْنَها، أَوْ حَالٌ مِنْ جَهَنَّمَ.
وَالتَّقْدِيرُ: وَبِئْسَ الْقَرار هِيَ.
[30]
وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)
عَطْفٌ عَلَى بَدَّلُوا وأَحَلُّوا، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الَّذِينَ وَهُمْ أَئِمَّةُ الشِّرْكِ.
وَالْجَعْلُ يَصْدُقُ باختراع ذَلِك مَا فَعَلَ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ وَهُوَ مِنْ خُزَاعَةَ. وَيَصْدُقُ بِتَقْرِيرِ ذَلِكَ وَنَشْرِهِ وَالِاحْتِجَاجِ لَهُ، مِثْلَ وَضْعِ أَهْلِ مَكَّةَ الْأَصْنَامَ فِي الْكَعْبَةِ وَوَضْعِ هُبَلَ عَلَى سَطْحِهَا.
وَالْأَنْدَادُ: جَمْعُ نِدٍّ بِكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ الْمُمَاثِلُ فِي مَجْدٍ وَرِفْعَةٍ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [22] .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لِيُضِلُّوا- بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ- مِنْ أَضَلَّ غَيْرَهُ إِذَا جَعَلَهُ ضَالًّا، فَجَعَلَ الْإِضْلَالَ عِلَّةً لِجَعْلِهِمْ لِلَّهِ أَنْدَادًا، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَقْصِدُوا تَضْلِيلَ النَّاسِ وَإِنَّمَا قَصَدُوا مَقَاصِدَ هِيَ مُسَاوِيَةٌ لِلتَّضْلِيلِ لِأَنَّهَا أَوْقَعَتِ النَّاسَ فِي الضَّلَالِ، فَعُبِّرَ عَلَى مَسَاوِي التَّضْلِيلِ بِالتَّضْلِيلِ لِأَنَّهُ آيِلٌ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوهُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: لِلضَّلَالِ عَنْ سَبِيلِهِ، تَشْنِيعًا عَلَيْهِمْ بِغَايَةِ فِعْلِهِمْ وَهُمْ مَا أَضَلُّوا إِلَّا وَقَدْ ضَلُّوا، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ ضَلُّوا وَأَضَلُّوا، وَذَلِكَ إِيجَازٌ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَرُوَيْسٍ عَن يَعْقُوب ليضلو- بِفَتْحِ الْيَاءِ- وَالْمَعْنَى:
لِيَسْتَمِرَّ ضَلَالُهُمْ فَإِنَّهُمْ حِينَ جَعَلُوا الْأَنْدَادَ كَانَ ضَلَالُهُمْ حَاصِلًا فِي