رَابِعُهَا: أَنَّ ادِّعَاءَهُمْ آلِهَةً مُجَرَّدُ كَلَامٍ لَا انْطِبَاقَ لَهُ مَعَ الْوَاقِعِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ.
خَامِسُهَا: أَنَّ ذَلِكَ تَمْوِيهٌ بَاطِلٌ رَوَّجَهُ فِيهِمْ دُعَاةُ الْكُفْرِ، وَهُوَ مَعْنَى تَسْمِيَتِهِ مَكْرًا فِي قَوْلِهِ: بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ.
سَادِسُهَا: أَنَّهُمْ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ الْهُدَى.
وَعَطْفُ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ عَلَى جُمْلَةِ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ. وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ- بِفَتْحِ الصَّادِ- فَهُوَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ مَضْمُونِ كِلْتَا الْجُمْلَتَيْنِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُشْرِكِينَ:
فَالْأَوْلَى بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمْ مَفْعُولَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمْ فَاعِلَيْنِ لِلصَّدِّ بَعْدَ أَنِ انْفَعَلُوا بِالْكُفْرِ. وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ وَصُدُّوا- بِضَمِّ الصَّادِ- فَهُوَ كَجُمْلَةِ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا فِي كَوْنِ مَضْمُونِ كِلْتَيْهِمَا جَعْلُ الَّذِينَ كَفَرُوا مَفْعُولًا لِلتَّزْيِينِ وَالصَّدِّ.
وَجُمْلَةُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ تَذْيِيلٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُمُومِ.
وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَابْنِ كَثِيرٍ فِي إِثْبَاتِ يَاءِ هادٍ فِي حَالَةِ الْوَصْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ فِي هَذِه السُّورَة [7] .
[34]
لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (34)
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ [الرَّعْد: 33] لِأَن هَذَا التبديد يومىء إِلَى وَعِيدٍ يُسْأَلُ عَنْهُ السَّامِعُ. وَفِيهِ تَكْمِلَةٌ لِلْوَعِيدِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ مَعَ زِيَادَةِ الْوَعِيدِ بِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ.
وَتَنْكِيرُ عَذابٌ
لِلتَّعْظِيمِ، وَهُوَ عَذَابُ الْقَتْلِ وَالْخِزْيِ وَالْأَسْرِ. وَإِضَافَةُ عَذابٌ
إِلَى الْآخِرَةِ
عَلَى مَعْنَى فِي.