وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ هادٍ بِدُونِ يَاءٍ فِي آخِرِهِ فِي حَالَتَيِ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ. أَمَّا فِي الْوَصْلِ فَلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ سُكُونِ الْيَاءِ وَسُكُونِ التَّنْوِينِ الَّذِي يَجِبُ النُّطْقُ بِهِ فِي حَالَةِ الْوَصْلِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْوَقْفِ فَتَبَعًا لِحَالَةِ الْوَصْلِ، وَهُوَ لُغَةٌ فَصِيحَةٌ وَفِيهِ مُتَابَعَةُ رَسْمِ الْمُصْحَفِ.
وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْوَصْلِ مِثْلَ الْجُمْهُورِ. وَقَرَأَهُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْوَقْفِ لِزَوَالِ مُوجِبِ حَذْفِ الْيَاءِ وَهُوَ لُغَة صَحِيحَة.
[8، 9]
اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (8) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (9)
انْتِقَالٌ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَفَرُّدِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ، فَهُوَ مُتَّصِلٌ بِجُمْلَةِ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ [الرَّعْد: 2] إِلَخَّ.
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ. فَلَمَّا قَامَتِ الْبَرَاهِينُ الْعَدِيدَةُ بِالْآيَاتِ السَّابِقَةِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَعَلَى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ الَّتِي أَوْدَعَ بِهَا فِي الْمَخْلُوقَاتِ دَقَائِقَ
الْخِلْقَةِ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى إِثْبَاتِ الْعِلْمِ لَهُ تَعَالَى عِلْمًا عَامًّا بِدَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ وَعَظَائِمِهَا، وَلِذَلِكَ جَاءَ افْتِتَاحُهُ عَلَى الْأُسْلُوبِ الَّذِي افْتَتَحَ بِهِ الْغَرَضَ السَّابِقَ بِأَنِ ابْتُدِئَ بِاسْمِ الْجَلَالَةِ كَمَا ابْتُدِئَ بِهِ هُنَالِكَ فِي قَوْلِهِ: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها [الرَّعْد: 2] .
وَجُعِلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي هَذَا الْمَوْقِعِ لِأَنَّ لَهَا مُنَاسَبَةً بِقَوْلِهِمْ: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ، فَإِنَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَعَظِيمِ صُنْعِهِ صَالِحٌ لِأَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ الْإِتْيَانُ بِمَا اقْتَرَحُوا مِنَ الْآيَاتِ وَلَكِنَّ بِعْثَةَ الرَّسُولِ لَيْسَ الْمَقْصِدُ مِنْهَا الْمُنَازَعَاتِ بَلْ هِيَ دَعْوَةٌ لِلنَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ.