[سُورَة يُوسُف (12) : الْآيَات 84 إِلَى 87]

وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يَا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (85) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (87)

انْتِقَالٌ إِلَى حِكَايَةِ حَالِ يَعْقُوبَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي انْفِرَادِهِ عَنْ أَبْنَائِهِ وَمُنَاجَاتِهِ نَفْسَهُ، فَالتَّوَلِّي حَاصِلٌ عَقِبَ الْمُحَاوَرَةِ. وتَوَلَّى: انْصَرَفَ، وَهُوَ انْصِرَافُ غَضَبٍ.

وَلَمَّا كَانَ التَّوَلِّي يَقْتَضِي الِاخْتِلَاءَ بِنَفْسِهِ ذكر من أَخْوَاله تَجَدُّدَ أَسَفِهِ عَلَى يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَقَالَ: يَا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَالْأَسَفُ أَشَدُّ الْحُزْنِ، أَسِفَ كَحَزِنَ.

وَنِدَاءُ الْأَسَفِ مَجَازٌ. نَزَّلَ الْأَسَفَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَعْقِلُ فَيَقُولُ لَهُ: احْضُرْ فَهَذَا أَوَانُ حُضُورِكَ، وَأَضَافَ الْأَسَفَ إِلَى ضَمِيرِ نَفْسِهِ لِأَنَّ هَذَا الْأَسَفَ جُزْئِيٌّ مُخْتَصٌّ بِهِ مِنْ بَيْنِ جُزْئِيَّاتِ جِنْسِ الْأَسَفِ.

وَالْأَلِفُ عِوَضٌ عَنْ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فَإِنَّهَا فِي النِّدَاءِ تُبْدَلُ أَلِفًا.

وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقُرْآنُ تَحَسُّرَهُ عَلَى يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَلَمْ يَذْكُرْ تَحَسُّرَهُ عَلَى ابْنَيْهِ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّحَسُّرَ هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فَلَا يَقْتَضِي ذِكْرُهُ أَنَّ يَعْقُوبَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمْ يَتَحَسَّرْ قَطُّ إِلَّا عَلَى يُوسُفَ، مَعَ أَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ تَرْتِيبَ الْجُمَلِ الْمَعْطُوفَةِ بِهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015