وَالرِّحَالُ: جَمْعُ رَحْلٍ، وَهُوَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ مِنْ مَتَاعِ الرَّاكِبِ، وَلِذَا سُمِّيَ الْبَعِيرُ رَاحِلَةً.
وَالِانْقِلَابُ: الرُّجُوعُ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فِي [سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: 144] .
وَجُمْلَةُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ جَوَابٌ لِلْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالرُّجُوعِ اسْتَشْعَرَ بِنَفَاذِ رَأْيِهِ أَنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ غَيْرَ وَاجِدِينَ بِضَاعَةً لِيَبْتَاعُوا بِهَا الْمِيرَةَ لِأَنَّهُ رَأَى مَخَايِلَ الضّيق عَلَيْهِم.
[63، 64]
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يَا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (63) قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)
مَعْنَى مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْكَيْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّ رُجُوعَهُمْ بِالطَّعَامِ الْمُعَبَّرِ عَنهُ بالجهاز قرينَة أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْكَيْلِ يَقَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلِأَنَّ تَرْكِيبَ مُنِعَ مِنَّا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ، إِذْ جَعَلُوا الْكَيْلَ مَمْنُوعَ الِابْتِدَاءِ مِنْهُمْ لِأَنَّ مِنْ حَرْفُ ابْتِدَاءٍ.
وَالْكَيْلُ مَصْدَرٌ صَالِحٌ لِمَعْنَى الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ، وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْإِسْنَادِ إِلَى الْفَاعِلِ، أَيْ لَنْ نَكِيلَ، فَالْمَمْنُوعُ هُوَ ابْتِدَاءُ الْكَيْلِ مِنْهُمْ. وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِمْ مَا يُكَالُ تَعَيَّنَ تَأْوِيلُ الْكَيْلِ بِطَلَبِهِ، أَيْ مُنِعَ مِنَّا ذَلِكَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ لِأَنَّنَا لَا نُمْنَحُهُ إِلَّا إِذَا وَفَّيْنَا بِمَا وَعَدْنَا مِنْ إِحْضَارِ أَخِينَا. وَلِذَلِكَ صَحَّ تَفْرِيعُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا عَلَيْهِ، فَصَارَ تَقْدِير الْكَلَامِ:
مُنِعْنَا مِنْ أَنْ نَطْلُبَ الْكَيْلَ إِلَّا إِذَا حَضَرَ