وَفِي هَذَا الَّذِي دَبَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَصْرِيحٌ بِآيَةٍ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي كَانَتْ فِي يُوسُفَ- عَلَيْهِ السّلام- وَإِخْوَته.
[23- 29]
وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ مَا جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (25) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (26) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)
فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (29)
عَطْفُ قِصَّةٍ عَلَى قِصَّةٍ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِصَّةُ حَاصِلَةً فِي الْوُجُودِ بَعْدَ الَّتِي قَبْلَهَا. وَقَدْ كَانَ هَذَا الْحَادِثُ قَبْلَ إِيتَائِهِ النُّبُوءَةَ لِأَنَّ إِيتَاءَ النُّبُوءَةِ غَلَبَ أَنْ يَكُونَ فِي سِنِّ الْأَرْبَعِينَ. وَالْأَظْهَرُ أَنه أُوتِيَ النبوءة وَالرِّسَالَةَ بَعْدَ دُخُولِ أَهْلِهِ إِلَى مِصْرَ وَبَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ. وَقَدْ تَعَرَّضَتِ الْآيَاتُ لِتَقْرِيرِ ثَبَاتِ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى الْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ وَكَرَمِ الْخُلُقِ.