اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا إِذْ لَمَّا فَاتَحَهُمْ بِالتَّهْدِيدِ كَانَ ذَلِك ينشىء سُؤَالًا فِي نُفُوسِهِمْ عَمَّا يَنْشَأُ عَلَى هَذَا التَّهْدِيدِ فيجاب بالتهديد ب سَوْفَ تَعْلَمُونَ. وَلِكَوْنِهِ كَذَلِكَ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّفْرِيعِ بِالْفَاءِ الْوَاقِعِ فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ فِي الْمَآلِ، وَلَكِنَّهُ أَبْلَغُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى نَشْأَةِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ عَنْ مَضْمُونِ الَّتِي قَبْلَهَا فَفِي خِطَابِ شُعَيْبٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَوْمَهَ مِنَ الشِّدَّةِ مَا لَيْسَ فِي الْخِطَابِ الْمَأْمُور بِهِ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ جَرْيًا عَلَى مَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللِّينِ لَهُمْ فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ [آل عمرَان: 159] . وَكَذَلِكَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ مَعْمُولَيْ تَعْلَمُونَ فَهُوَ هُنَا غَلِيظٌ شَدِيدٌ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَهُوَ هُنَالِكَ لَيِّنٌ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ [الْأَنْعَام: 135] .

ومَنْ اسْتِفْهَامٌ مُعَلَّقٌ لِفِعْلِ الْعِلْمِ عَنِ الْعَمَلِ، أَيْ تَعْلَمُونَ جَوَابَ هَذَا السُّؤَالِ.

وَالْعَذَابُ: خِزْيٌ لِأَنَّهُ إِهَانَةٌ.

وَالِارْتِقَابُ: التَّرَقُّبُ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْ رَقَبَهُ إِذَا انْتَظَرَهُ.

وَالرَّقِيبُ هُنَا فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ، أَيْ إِنِّي مَعَكُمْ رَاقِبٌ، أَيْ كُلٌّ يَرْتَقِبُ مَا يُجَازِيهِ اللَّهُ بِهِ إِنْ كَانَ كَاذِبًا أَو مكذّبا.

[94، 95]

[سُورَة هود (11) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)

عُطِفَ لَمَّا جاءَ أَمْرُنا هُنَا وَفِي قَوْلِهِ فِي قِصَّةِ عَادٍ وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً [هود: 59] بِالْوَاوِ فِيهِمَا وَعُطِفَ نَظِيرَاهُمَا فِي قِصَّةِ ثَمُودٍ فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً [هود:

66] وَفِي قِصَّةِ قَوْمِ لُوطٍ فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها [هود: 82] لِأَنَّ قِصَّتَيْ ثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ كَانَ فِيهِمَا تَعْيِينُ أَجَلِ الْعَذَابِ الَّذِي تَوَعَّدَ بِهِ النَّبِيئَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015