وَ (إِلى أَجَلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِ يُمَتِّعْكُمْ وَهُوَ غَايَةٌ لِلتَّمْتِيعِ، وَذَلِكَ مَوْعِظَةٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ لَهُ نِهَايَةٌ، فَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَاعُ الدُّنْيَا. وَالْمَقْصُودُ بِالْأَجَلِ: أَجْلُ كُلِّ وَاحِدٍ وَهُوَ نِهَايَةُ حَيَاتِهِ، وَهَذَا وَعْدٌ بِأَنَّهُ نِعْمَةٌ بَاقِيَةٌ طُولَ الْحَيَاةِ.

وَجُمْلَةُ: يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: يُمَتِّعْكُمْ. وَالْإِيتَاءُ:

الْإِعْطَاءُ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَتَاعِ الْحَسَنِ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ إِعْطَاءُ نَعِيمِ الْآخِرَةِ. وَالْفَضْلُ:

إِعْطَاءُ اَلْخَيْرِ. سُمِّيَ فَضْلًا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ فَاعِلَ اَلْخَيْرِ يَفْعَلُهُ بِمَا هُوَ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، ثُمَّ تُنُوسِيَ ذَلِكَ فَصَارَ الْفَضْلُ بِمَعْنَى إِعْطَاءِ اَلْخَيْرِ.

وَالْفَضْلُ الْأَوَّلُ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ، بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِفَضْلِ اللَّهِ الْغَنِيِّ عَنِ النَّاسِ.

وَالْفَضْلُ الثَّانِي الْمُضَافُ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ هُوَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ، بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمَتَاعِ فِي الدُّنْيَا. وَالْمَعْنَى: وَيُؤْتِ اللَّهُ فَضْلَهُ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فِي عَمَلِهِ.

وَلَمَّا عُلِّقَ الْإِيتَاءُ بِالْفَضْلَيْنِ عُلِمَ أَنَّ مِقْدَارَ الْجَزَاءِ بِقَدْرِ الْمُجْزِيِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِذِي فَضْلٍ وَهُوَ فِي قُوَّةِ الْمُشْتَقِّ، فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِالتَّعْلِيلِ وَبِالتَّقْدِيرِ. وَضَبْطُ ذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ سِرٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ. وَنَظِيرُ هَذَا مَعَ اخْتِلَافٍ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَزِيَادَةِ بَيَانٍ، قَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ [النَّحْل: 97] .

وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ عَطْفٌ عَلَى وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ مَا جَاءَ تَفْسِيرًا لِ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ [هود: 1] وَهُوَ مِمَّا أُوحِيَ بِهِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبَلِّغَهُ إِلَى النَّاسِ.

وَتَوَلَّوْا: أَصْلُهُ تَتَوَلَّوْا، حذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015