وَالصَّاغِرُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ صَغِرَ- بِكَسْرِ الْغَيْنِ- صَغَرَا بِالتَّحْرِيكِ وَصَغَارًا. إِذَا ذَلَّ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الصَّغَارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [124] ، أَيْ وَهُمْ أَذِلَّاءُ وَهَذِهِ حَالٌ لَازِمَةٌ لِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ: وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ تَعْظِيمُ أَمْرِ الْحُكْمِ الْإِسْلَامِيِّ، وَتَحْقِيرُ أَهْلِ الْكُفْرِ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي الِانْخِلَاعِ عَنْ دِينِهِمُ الْبَاطِلِ وَاتِّبَاعِهِمْ دِينَ الْإِسْلَامِ. وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَخَالَفَ ابْنَ وَهْبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ مَجُوسِ الْعَرَبِ. وَقَالَ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ جِزْيَةٌ وَلَا بُدَّ مِنَ الْقَتْلِ أَوِ الْإِسْلَامِ كَمَا دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، دُونَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ: لِأَنَّ حُكْمَ قِتَالِهِمْ مَضَى فِي الْآيَاتِ السَّالِفَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهَا إِلَى الْجِزْيَةِ بَلْ كَانَتْ نِهَايَةُ الْأَمْرِ فِيهَا قَوْلَهُ: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التَّوْبَة:
5]- وَقَوْلَهُ- فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ [التَّوْبَة: 11]- وَقَوْلَهُ- وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ [التَّوْبَة: 15] . وَلِأَنَّهُمْ لَوْ أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لَاقْتَضَى ذَلِكَ إِقْرَارَهُمْ فِي دِيَارِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُشَرِّعْ إِجْلَاءَهُمْ عَنْ دِيَارِهِمْ وَذَلِكَ لَمْ يَفْعَله النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[30]
وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)
عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ [التَّوْبَة: 29] وَالتَّقْدِيرُ: وَيَقُولُ الْيَهُود مِنْهُم عَزِيز ابْنُ اللَّهِ، وَيَقُولُ النَّصَارَى مِنْهُمُ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، تَشْنِيعًا عَلَى قَائِلِيهِمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِأَنَّهُمْ بَلَغُوا فِي الْكُفْرِ غَايَتَهُ حَتَّى ساووا الْمُشْركين.
وعزيز: اسْمُ حَبْرٍ كَبِيرٍ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْأَسْرِ الْبَابِلِيِّ، وَاسْمُهُ فِي الْعِبْرَانِيَّةِ (عِزْرَا) - بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ- بْنُ (سَرَايَا) مِنْ سِبْطٍ اللَّاوِيِّينَ، كَانَ