لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ السُّورَةُ مِنَ الْمَقَاصِدِ فَهُوَ افْتِتَاحٌ وَارِدٌ عَلَى أَحْسَنِ وُجُوهِ الْبَيَانِ وَأَكْمَلِهَا شَأْنَ سُوَرِ الْقُرْآنِ.
وَتَدُورُ مَقَاصِدُ هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى مِحْوَرِ مَقَاصِدٍ مِنْهَا:
النَّهْيُ عَنِ اتِّخَاذِ الشُّرَكَاءِ مِنْ دُونِ اللَّهِ.
وَإِنْذَارُ الْمُشْرِكِينَ عَنْ سُوءِ عَاقِبَةِ الشِّرْكِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَوَصْفُ مَا حَلَّ بِالْمُشْرِكِينَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ: مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا، وَمَا سَيَحُلُّ بِهِمْ فِي الْآخِرَةِ.
تَذْكِيرُ النَّاسِ بِنِعْمَةِ خَلْقِ الْأَرْضِ، وَتَمْكِينُ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ مِنْ خَيْرَاتِ الْأَرْضِ، وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ بِخَلْقِ أَصْلِهِ وَتَفْضِيلِهِ.
وَمَا نَشَأَ مِنْ عَدَاوَةِ جِنْسِ الشَّيْطَانِ لِنَوْعِ الْإِنْسَانِ.
وَتَحْذِيرُ النَّاسِ مِنَ التَّلَبُّسِ بِبَقَايَا مَكْرِ الشَّيْطَانِ مِنْ تَسْوِيلِهِ إِيَّاهُمْ حِرْمَانَ أَنْفُسِهِمُ الطَّيِّبَاتِ، وَمِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا يَزُجُّ بِهِمْ فِي الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ.
وَوَصْفُ أَهْوَالِ يَوْمَ الْجَزَاءِ لِلْمُجْرِمِينَ وَكَرَامَاتِهِ لِلْمُتَّقِينَ.
وَالتَّذْكِيرُ بِالْبَعْثِ وَتَقْرِيبُ دَلِيلِهِ.
وَالنَّهْيُ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي أَصْلَحَهَا اللَّهُ لِفَائِدَةِ الْإِنْسَانِ.
وَالتَّذْكِيرُ بِبَدِيعِ مَا أَوْجَدَهُ اللَّهُ لِإِصْلَاحِهَا وَإِحْيَائِهَا.
وَالتَّذْكِيرُ بِمَا أَوْدَعَ اللَّهُ فِي فِطْرَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ وَقْتِ تَكْوِينِ أَصْلِهِ أَنْ يَقْبَلُوا دَعْوَةَ رُسُلِ اللَّهِ إِلَى التَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ.
وَأَفَاضَ فِي أَحْوَالِ الرُّسُلِ مَعَ أقوامهم الْمُشْركين، وَمَا لَاقَوْهُ مِنْ عِنَادِهِمْ وَأَذَاهُمْ، وَأَنْذَرَ بِعَدَمِ الِاغْتِرَارِ بِإِمْهَالِ اللَّهِ النَّاسَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ بِهِمُ الْعَذَابَ، إعذاراً لَهُمْ أَنْ يُقْلِعُوا عَنْ كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ، فَإِنَّ الْعَذَابَ يَأْتِيهِمْ بَغْتَةً بَعْدَ ذَلِكَ الْإِمْهَالِ.