وَالْفِقْهُ هُوَ إِدْرَاكُ الْأَشْيَاءِ الدَّقِيقَةِ. فَحَصَلَ تَفْصِيلُ الْآيَاتِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَانْتَفَى الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْدَ هَذَا إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الْأَنْعَام:

99] .

[99]

[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 99]

وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)

الْقَوْلُ فِي صِيغَةِ الْقَصْرِ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَخْ كَالْقَوْلِ فِي نَظِيرِهِ السَّابِقِ.

وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنَ السَّماءِ ابْتِدَائِيَّةٌ لِأَنَّ مَاءَ الْمَطَرِ يَتَكَوَّنُ فِي طَبَقَاتِ الْجَوِّ الْعُلْيَا الزَّمْهَرِيرِيَّةِ عِنْدَ تَصَاعُدِ الْبُخَارِ الْأَرْضِيِّ إِلَيْهَا فَيَصِيرُ الْبُخَارُ كَثِيفًا وَهُوَ السَّحَابُ ثُمَّ يَسْتَحِيلُ مَاءً. فَالسَّمَاءُ اسْمٌ لِأَعْلَى طَبَقَاتِ الْجَوِّ حَيْثُ تَتَكَوَّنُ الْأَمْطَارُ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَعَدَلَ عَنْ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ إِلَى ضَمِيرِ التَّكَلُّمِ فِي قَوْلِهِ:

فَأَخْرَجْنا عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ. وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ جَعَلَ اللَّهُ الْمَاءَ سَبَبًا لِخُرُوجِ النَّبَاتِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ عَائِدٌ إِلَى الْمَاءِ.

وَالنَّبَاتُ اسْمٌ لِمَا يَنْبُتُ، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرِ نَبَتَ، سُمِّيَ بِهِ النَّابِتُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الَّذِي صَارَ حَقِيقَةً شَائِعَةً فَصَارَ النَّبَاتُ اسْمًا مُشْتَرِكًا مَعَ الْمَصْدَرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015