وَجَبَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: حَقِيقٌ عَلى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ [الْأَعْرَاف: 105] . وَيُقَالُ:

اسْتَحَقَّ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو كَذَا، أَيْ وَجَبَ لِزَيْدٍ حَقٌّ عَلَى عَمْرٍو، فَأَخَذَهُ مِنْهُ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ فَالْفَاعِلُ الْمَحْذُوفُ فِي قَوْلِهِ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ هُوَ مُسْتَحِقٌّ مَا، وَهُوَ الَّذِي انْتَفَعَ بِالشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ الْبَاطِلَةِ، فَنَالَ مِنْ تَرِكَةِ الْمُوصِي مَا لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ الْمُوصِي وَغَلَبَ وَارِثَ الْمُوصِي بِذَلِكَ. فَالَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمْ هُمْ أَوْلِيَاءُ الْمُوصِي الَّذِينَ لَهُمْ مَالُهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْإِرْثِ فَحُرِمُوا بَعْضَهُ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمُ قَائِمٌ مَقَامَ نَائِبِ فَاعِلِ اسْتَحَقَّ.

وَقَوْلُهُ: الْأَوْلَيانِ تَثْنِيَةُ أَوْلَى، وَهُوَ الْأَجْدَرُ وَالْأَحَقُّ، أَيِ الْأَجْدَرَانِ بِقبُول قَوْلهمَا.

فَمَا صدقه هُوَ مَا صدق الْآخَرَانِ وَمَرْجِعُهُ إِلَيْهِ فَيَجُوزُ، أَنْ يُجْعَلَ خَبرا عَن فَآخَرانِ، فإنّ فَآخَرانِ لَمَّا وُصِفَ بِجُمْلَةِ يَقُومانِ مَقامَهُما صَحَّ الِابْتِدَاءُ بِهِ، أَيْ فَشَخْصَانِ آخَرَانِ هُمَا الْأَوْلَيَانِ بِقَبُولِ قَوْلِهِمَا دُونَ الشَّاهِدَيْنِ الْمُتَّهَمَيْنِ. وَإِنَّمَا عُرِّفَ بِاللَّامِ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ لِلْمُخَاطَبِ ذِهْنًا لِأَنَّ السَّامِعَ إِذَا سَمِعَ قَوْلَهُ: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً تَرَقَّبَ أَنْ يَعْرِفَ مَنْ هُوَ الْأَوْلَى بِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ، فَقِيلَ لَهُ: آخَرَانِ هُمَا الْأَوْلَيَانِ بِهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَوْلَيانِ مُبْتَدأ وفَآخَرانِ يَقُومانِ خَبَرَهُ. وَتَقْدِيمُ الْخَبَرِ لِتَعْجِيلِ الْفَائِدَةِ، لِأَنَّ السَّامِعَ يَتَرَقَّبُ الْحُكْمَ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَإِنَّ ذَلِكَ الْعُثُورَ عَلَى كَذِبِ الشَّاهِدَيْنِ يُسْقِطُ شَهَادَتَهُمَا وَيَمِينَهُمَا، فَكَيْفَ يَكُونُ الْقَضَاءُ فِي ذَلِكَ، فَعَجَّلَ الْجَوَابَ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلا من فَآخَرانِ أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَقُومانِ أَوْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هُمَا الْأَوْلَيَانِ. وَنُكْتَةُ التَّعْرِيف هِيَ هِيَ عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا.

وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَيَعْقُوبَ، وَخَلَفٍ، الْأَوَّلِينَ- بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَفْتُوحَةً وَبِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ- جَمْعَ أَوَّلٍ الَّذِي هُوَ مَجَازٌ بِمَعْنَى الْمُقَدَّمِ وَالْمُبْتَدَأِ بِهِ.

فَالَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمْ هُمْ أَوْلِيَاءُ الْمُوصِي حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015