الْإِشْرَاكِ فِيهِمْ فَكَانَ أَصْلُ وَضْعِهِ دَالًّا عَلَى انْفِرَادِهِ بِالْأُلُوهِيَّةِ إِذْ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ فَلِذَلِكَ صَارَ عَلَمًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَلَمِ بِالْغَلَبَةِ بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْعَلَمِ بِالِانْحِصَارِ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَلَا بِدَعَ فِي اجْتِمَاعِ كَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ وَكَوْنِهِ عَلَمًا، وَلِذَلِكَ أَرَادُوا بِهِ الْمَعْبُودَ بِحَقٍّ رَدًّا عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ قَبْلَ دُخُولِ الشِّرْكِ فِي الْعَرَبِ وَإِنَّنَا لَمْ نَقِفْ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ أَطْلَقُوا الْإِلَهَ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ مُفْرَدًا عَلَى أَحَدِ أَصْنَامِهِمْ وَإِنَّمَا يضيفون فَيَقُولُونَ إلاه بَنِي فُلَانٍ وَالْأَكْثَرُ أَنْ يَقُولُوا رَبُّ بَنِي فُلَانٍ أَوْ يَجْمَعُونَ كَمَا قَالُوا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَرْضُ الْآلِهَةِ، وَفِي حَدِيثِ فَتْحِ مَكَّةَ: «وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ الْبَيْتَ فِيهِ الْآلِهَةَ» . فَلَمَّا اخْتَصَّ الْإِلَهُ بِالْإِلَهِ الْوَاحِدِ وَاجِبِ الْوُجُودِ اشْتَقُّوا لَهُ مِنَ اسْمِ الْجِنْسِ عَلَمًا زِيَادَةً فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ الْحَقِيقُ بِهَذَا الِاسْمِ لِيَصِيرَ الِاسْمُ خَاصًّا بِهِ غَيْرَ جَائِزِ الْإِطْلَاقِ عَلَى غَيْرِهِ سُنَنِ الْأَعْلَامِ الشَّخْصِيَّةِ،

وَأَرَاهُمْ أَبْدَعُوا وَأَعْجَبُوا إِذْ جَعَلُوا عَلَمَ ذَاتِهِ تَعَالَى مُشْتَقًّا مِنَ اسْمِ الْجِنْسِ الْمُؤْذِنِ بِمَفْهُومِ الْأُلُوهِيَّةِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذَاتَهُ تَعَالَى لَا تستحضر عِنْد وَاضح الْعَلَمِ وَهُوَ النَّاطِقُ الْأَوَّلُ بِهَذَا الِاسْمِ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ إِلَّا بِوَصْفِ الْأُلُوهِيَّةِ (?) وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَوْلَى مَنْ يُؤَلَّهُ وَيُعْبَدُ لِأَنَّهُ خَالِقُ الْجَمِيعِ فَحَذَفُوا الْهَمْزَةَ مِنَ الْإِلَهِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ هَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ تَعَالَى كَمَا حَذَفُوا هَمْزَةَ الْأُنَاسِ فَقَالُوا النَّاسُ وَلِذَلِكَ أَظْهَرُوهَا فِي بَعْضِ الْكَلَامِ. قَالَ الْبَعِيثُ بْنُ حُرَيْثٍ (?) .

مَعَاذَ الْإِلَهِ أَنْ تَكُونَ كَظَبْيَةٍ ... وَلَا دُمْيَةٍ وَلَا عَقِيلَةِ رَبْرَبٍُُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015