جَوَابِ الْقَسَمِ، وَلَعَلَّ هَذَا بَعْضُ مَا تَضَمَّنَهُ الْمِيثَاقُ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ بَعْضُ مَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ:
إِنِّي مَعَكُمْ.
وَالْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ مَا كَانَ مَفْرُوضًا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ: مِنْ إِعْطَائِهِمْ عُشْرَ مَحْصُولَاتِ ثِمَارِهِمْ وَزَرْعِهِمْ، مِمَّا جَاءَ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ سِفْرِ الْعَدَدِ، وَالْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ وَالْفَصْلِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ سِفْرِ التَّثْنِيَةِ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [43] .
وَالتَّعْزِيرُ: النَّصْرُ. يُقَالُ: عَزَرَهُ مُخَفَّفًا، وَعَزَّرَهُ مُشَدَّدًا، وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي عَزَرَهُ عَزْرًا إِذَا نَصَرَهُ، وَأَصْلُهُ الْمَنْعُ، لِأَنَّ النَّاصِرَ يَمْنَعُ الْمُعْتَدِيَ عَلَى مَنْصُورِهِ.
وَمَعْنَى وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً الصَّدَقَاتُ غَيْرُ الْوَاجِبَةِ.
وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ: مَغْفِرَةُ مَا فَرَطَ مِنْهُمْ مَنِ التَّعَاصِي لِلرَّسُولِ فَجَعَلَ الطَّاعَةَ وَالتَّوْبَةَ مُكَفِّرَتَيْنِ عَنِ الْمَعَاصِي.
وَقَوْلُهُ: فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أَيْ فَقَدْ حَادَ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، وَذَلِكَ لَا عذر لسَائِر فِيهِ حِينَ يُضِلُّهُ، لِأَنَّ الطَّرِيقَ السَّوِيَّ لَا يُحْوِجُ السَّائِرَ فِيهِ إِلَى الرَّوَغَانِ فِي ثَنَيَاتٍ قَدْ تَخْتَلِطُ عَلَيْهِ وَتُفْضِي بِهِ إِلَى التِّيهِ فِي الضلال.
[13]
فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)
قَوْلُهُ: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِهِ فِي قَوْلِهِ