مَا فِيهِ إِلَّا بَعْدَ إِزَالَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَطْبُوعِ بِهِ، وَقَدْ يَسِمُونَ عَلَى ذَلِكَ الْغَلْقِ بِسِمَةٍ تَتْرُكُ رَسْمًا فِي ذَلِكَ الْمَجْعُولِ، وَتُسَمَّى الْآلَةُ الْوَاسِمَةُ طَابَعًا- بِفَتْحِ الْبَاءِ- فَهُوَ يُرَادِفُ الْخَتْمَ. وَمَعْنَى بِكُفْرِهِمْ بِسَبَبِهِ، فَالْكُفْرُ الْمُتَزَايِدُ يَزِيدُ تَعَاصِيَ الْقُلُوبِ عَنْ تَلَقِّي الْإِرْشَادِ، وَأُرِيدَ بِقَوْلِهِ: بِكُفْرِهِمْ كُفْرُهُمُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ.

وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا قَلِيلًا مِنْ عُمُومِ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ: أَيْ لَا يُؤْمِنُونَ إِيمَانًا

إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلًا، وَهُوَ مِنْ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ إِذِ الْإِيمَانُ لَا يَقْبَلُ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ، فَالْقَلِيلُ مِنَ الْإِيمَانِ عَدَمٌ، فَهُوَ كُفْرٌ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ [الْبَقَرَة: 88] .

وَيجوز أَن يكون قِلَّةُ الْإِيمَانِ كِنَايَةً عَنْ قِلَّةِ أَصْحَابِهِ مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ.

[156- 158]

[سُورَة النِّسَاء (4) : الْآيَات 156 الى 158]

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158)

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ.

عُطِفَ وَبِكُفْرِهِمْ مَرَّةً ثَانِيَةً عَلَى قَوْلِهِ: فَبِما نَقْضِهِمْ [النِّسَاء: 155] وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ [النِّسَاء: 155] وَأُعِيدَ مَعَ ذَلِكَ حَرْفُ الْجَرِّ الَّذِي يُغْنِي عَنْهُ حَرْفُ الْعَطْفِ قَصْدًا لِلتَّأْكِيدِ، وَاعْتُبِرَ الْعَطْفُ لِأَجْلِ بُعْدِ مَا بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَلِأَنَّهُ فِي مَقَامِ التَّهْوِيلِ لِأَمْرِ الْكُفْرِ، فَالْمُتَكَلِّمُ يَذْكُرُهُ وَيُعِيدُهُ: يَتَثَبَّتُ وَيُرِي أَنَّهُ لَا رِيبَةَ فِي إِنَاطَةِ الْحُكْمِ بِهِ، وَنَظِيرُ هَذَا التَّكْرِيرِ قَوْلُ لَبِيدٍ:

فَتَنَازَعَا سَبِطًا يَطِيرُ ظِلَالُهُ ... كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يَشِبُّ ضِرَامُهَا

مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابِتِ عَرْفَجٍ ... كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُهَاِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015