الَّذِينَ يَفْرَحُونَ [آل عمرَان: 188]- بِتَاءِ الْخِطَابِ- يَكُونُ خِطَابًا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخَاطَبٍ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ اعْتِرَاضًا بِالْفَاءِ أَيْضًا وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَا فِي حَذْفِ
الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِفِعْلِ الْحُسْبَانِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْفَائِدَةِ، مِنْ تَشْوِيقِ السَّامِعِ إِلَى سَمَاعِ الْمَنْهِيِّ عَنْ حُسْبَانِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ فَلَا تَحْسِبَنَّهُمْ:- بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ- عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ لِخِطَابِ الْوَاحِدِ وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَيَعْقُوبُ- بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ- عَلَى أَنَّهُ لِخِطَابِ الْجَمْعِ، وَحَيْثُ إنّهما قرءا أَوَّلَهُ- بِيَاءِ الْغَيْبَةِ- فَضَمُّ الْبَاءِ- يَجْعَلُ فَاعِلَ (يَحْسَبَنَّ) وَمَفْعُولَهُ مُتَّحِدَيْنِ أَيْ لَا يَحْسَبُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَاتِّحَادُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ لِلْفِعْلِ الْوَاحِدِ مِنْ خَصَائِصِ أَفْعَالِ الظَّنِّ كَمَا هُنَا وَأُلْحِقَتْ بِهَا أَفْعَالٌ قَلِيلَةٌ، وَهِي: (وجد) و (عدم) و (فقد) .
وَأَمَّا سِينُ «تَحْسَبَنَّهُمْ» فَالْقِرَاءَاتُ مُمَاثِلَةٌ لِمَا فِي سين يَحسبن.
[189]
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)
تَذْيِيلٌ بِوَعِيدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَكْتُمُونَ من خلائقهم.
[190- 194]
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا مَا خَلَقْتَ هَذَا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ (191) رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (192) رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (193) رَبَّنا وَآتِنا مَا وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعادَ